الأدب

الكاتب والشاعر عبد المجيد يوسف :الشعر يتولد عندي من لحظة مشحونة مكثفة صادمة

كما ترجمت مجموعتين شعريتين من الإيطالية لشاعر إيطالي وعرّبت لشعراء إيطاليين آخرين ونقل لشعراء تونسيين عن الإيطالية.

 أما التجربة الأوسع لة فهي بين العربية والفرنسية  وآخرها رواية صينية ترجمها عن الفرنسية صدر لة 22 مؤلفا بين شعر ورواية ونقد وبحوث لسانية وترجمات شعرية وروائية أنة الكاتب والشاعر عبد المجيد يوسف.

في البدء نرحب بك أديبنا ونود أن نعرف من هو عبد المجيد يوسف ؟

 أنا كاتب تونسيّ بهذه الصفة أنا أتملص من صفة التّخصّص كأن تقولي شاعرا أو روائيا أو ناقدا… لي محاولات في كلّ هذه الحقول وغيرها وبذلك فإنّ صفة “كاتب” هي الأنسب لتوصيف تجربتي… وهي مع ذلك ربّما كانت عيبا.

 هكذا يقول بعض الأصدقاء ويعللون ذلك بأنّ من أخذ من كل شيء بطرف كان أقرب للسّطحية في كل شيء منه إلى عمق الأشياء بيد أني متشبث بكون الأدبية شيء واحد يمكن أن يُؤتى من أبواب متعددة.

سواء أكنت شاعرا أم ناثرا فأنت في خذمة غرض واحد هو مطلب الجمال والتّرقي الفكري… أيّا كانت وسيلتك حدثنا عن بدايتك ومتى كانت انطلاقتك الأدبية ؟

انطلاقتي كانت منذ الطفولة يعني من المرحلة الابتدائية كان والدي قارئا نهما يقرأ كل ما يقع أمامه من الأوراق ومنه تلقيت هذا النهم ثم صرت أكتب وأعرض ما أكتب على أساتذتي وتعمقت التجربة بالدراسة وبمزاولة القراءة.

كيف تتولد لديك فكرة الكتابة للرواية أو الشعر ؟

 للشعر منطلقات وللرواية أخرى،الشعر يتولد عندي من لحظة مشحونة مكثفة صادمة… مثلا رأيت مرة في حافلة سيدة تجلس ورضيعها يملأ العربة بكاء، وبجانبها تقف ابنتها الصبيّة ناظرة…فانطلق في الحين نصّ: ذاك الطفل البكّاء بعد ثلاثين بكاء سيكون وزيرا سيكون وزيرا للنفط او الماء أو ما شئتم من أعباء السلطان سيكون على الأرجح ذا ذنَب… مثل وزير “مظفر”……..

أما الرواية (عندي) فإنها تنطلق من التأمل والرّويّة وتُستهلّ بالتخطيط ورسم المسارات للأفكار وللشخوص والتموقع في تاريخ الرواية وتقنياتها، الشعر من العفوية والرواية من الرويّة، لهذا تجد الشعراء والروائيين متنافرين في الأغلب مثل التنوين والإضافة ونادر ما يجتمعان في شخص واحد .

 كيف ترى المثقف التونسي في هذه الظروف ؟

وكيف تقيم واقع الثقافة بتونس ؟ أودّ أن أحدد هذه الكلمة العامة “الظروف” لأنها شاسعة وغير دقيقة ..فلنقل إنك عنيت بها سنوات الثورة التونسية… وعلى هذا الأساس سأجيب عن سؤالك، مثقف الثورة لا وجود له…لم يؤد أي دور مؤد لتغيير الأوضاع.

قبل الثورة كان المثقف إما خجولا منكفئا خافت الصوت (وكنت من هؤلاء) لأن الدولة تتحكم برزقه ويمكن أن تجوّعه إن لم تقض عليه مباشرة وإما مستقيلا صامتا غائبا وإما مجاريا للدولة منتهزا ما تمنحه من المكرمات.

 بعد الثورة قفز بعض هؤلاء المثقفون يريدون أن يجدوا لهم مكانا وأخص من هؤلاء فئة من الرّوائيين صاروا يكتبون عن الثورة كما اتفق ويدفعون نصوصهم للمطابع… واحد منهم كان يكتب رواية في ستة أشهر… والبعض الاخر من أتباع التيار الإسلامي الذي برز فجاة مستغلا أجواء الحرية (وأجواء الفوضى أيضا) وكتبوا روايات من معاناتهم في فترتي بورقيبة وبن علي وكانت حركة النهضة تقتني منهم كل ما ينشرون….

 هذا ما ميز صنفا من المثقفين أعني بعض الروائيين … إما الصمت وإما الانتهازية المثقفون الحقيقيون اتخذوا مساحة من الأحداث ليتمكنوا من التقييم الصحيح واستغلوا مساحة الحرية الواسعة ليقدموا رؤاهم…

ولعل هذه الرؤى تؤدي في وقت لاحق إلى تعديل المسار …ولكني غير متفائل بالمرة إزاء هذه المسالة…أصحاب رؤوس الأموال هم الذين يمسكون بدفة التاريخ في البلاد وهم لا يعملون لصالحها بل لمصالحهم الضيقة.

 ماهي مشاريعك الثقافية والأدبية ؟

وهل صدرت لك مجموعة قصصية او مجموعة شعرية؟ ما صدر لي الان 22 مؤلفا… بين شعر ورواية ونقد وبحوث لسانية وترجمات شعرية وروائية هناك سنوات خصبة يصدر لي فيها أكثر من تأليف وهناك سنوات عجاف… أما عن مشاريعي فهي كثيرة وهي متنوعة بين الرواية والترجمة والبحوث.

برأيك هل ساهمت الرواية والقصة بازدهار الثقافة العربية ؟

لا شك في ذلك… كل التعبيرات الثقافية والأدبية هي لبنات توضع في بناء الثقافة… وما أدعو إليه هو النظر في مساهمة الثقافة العربية في الثقافة العالمية… العصر الان هو معركة لإثبات الوجود والغرب يتناسى بشكل مغرض مساهمة الثقافة العربية في المعرفة العالمية… اذكر مثالين اثنين لهما صلة بتخصصي… في مجال اللسانيات مثلا لا يلتفت الغرب لمسائل اهتدى إليها اللسانيون الغربيون في العصر الحديث كانت موجودة لدى اللسانيين والبلاغيين العرب منذ قرون مسالة البنية السطحية والبنية العميقة للكلام التي تنسب إلى تشومسكي… أثبت في بحث لي غير منشور أن أبا هلال العسكري في كتاب الصناعتين تفطن لهذا الأمر… وكذلك في مجال النقد الأدبي… ما ينسب الآن غلى جماعة “تال كال” (كما هو ومن بعدهم جيرار جينيت وريفتيير)… معظم آرائهم في تقاطعات النص أو ما يسمى الآن بالنظرية التناصية كانت مبثوثة في آراء النقاد والبلاغيين العرب مثل أبي هلال العسكري وعبد القاهرالجرجاني وابن الأثير وابن رشيق…

 المشكل الأوحد أن هؤلاء الباحثين العرب لم يعتنوا بظاهرة التعالق بين النصوص في إطار مبحث أدبي صرف ولكن في إطار المبحث البلاغي ممّا جعل آراءهم يقع تجاوزها في إطار التّجاوز للبلاغة القديمة.

في مجال الترجمة لديك العديد من المجموعات الشعرية التي ترجمتها لعدة لغات لشعراء عرب وتونسيين وايطاليين حدثنا عنها ؟

 نشرت أكثر من عشرة مجاميع مترجمة لشعراء تونسيين وعرب وشاركت في انطولوجيات مترجمة صدرت ببعض البلاد الأوروبية وكندا .

كما أني ترجمت مجموعين شعريين من الإيطالية لشاعر إيطالي وعرّبت لشعراء إيطاليين آخرين ونقلت لشعراء تونسيين عن الإيطالية.

أما التجربة الأوسع فهي بين العربية والفرنسية … وآخرها رواية صينية ترجمتها عن الفرنسية صدرت عن دار مسكلياني. وهناك مجموعة من البحوث منقولة إلى العربي متعلقة بقضية الإسلام والديمقراطية لفائدة مواقع إلكترونية وهناك رواية بصدد انتظار الصدور للروائي الدنماركي بار لاجاركفيست “موت اليهودي التائه” وأعمال ترجمة أخرى قد تصدر عن اتحاد الكتاب التونسيين * برأيك هل أضافت المهرجانات والتظاهرات شيئا للشاعر ؟ لا شك…. هذه التظاهرات مكسب كبير للثقافة التونسية… هي تسهل الاتصال بين الكتاب والفنانين من مختلف المشارب وتضمن الاتصال بين الأجيال وتعمّق التجارب …

 وهي مع ذلك تعاضد جهود الدولة في هذا المجال وتدلّ على ديناميكية كبيرة في المجتمع المدني الذي بدأ يتحمل دوره في رسم الملامح لمجتمع حركي تكون فيه الجمعيات فاعلة ومبادرة.

كيف تجد ظهور الشاعرة التونسية في مجال الشعر او الرواية هل هو مجرد رقم ام ان هناك من إستحقت صفة شاعرة أو روائية ؟

 المرأة التونسية مستفيدة جدا من خصوصيتها التحررية ومن أجواء الحريات العامة والخاصة ومن التفتح النسبي في عقلية الرجل وبذلك فقد فرضت وجودها في الميدان الأدبي… وسواء اكانت مجيدة في عملها الأدبي أم غير مجيدة فإن حضورها ضروري ووجه من وجوه الخصوصية التونسية…ففي بعض البلاد يفرض عليها أن تقرأ من وراء حجاب ولكنها في تونس تقف ندا للند إزاء الرجل في كل فعاليات الساحة الأدبية وهناك من السيدات من تميزت في الشعر وفي الرواية وفي البحوث الأدبية كما في باقي المجالات المعرفية * ظاهرة حفل توقيع الكتب انتشرت كثيراً في الآونة الأخيرة ..

 هل هي هواية أدبية أم دليل على انتعاش ثقافي ؟

 إذا أصدر الكاتب تأليف فهذا حدث شبيه بأم تضع مولودا بعد عقم الاحتفال تأكيد للذات الكاتبة ومحاولة للاحتلال موقع واكتساب صفة…

هناك عزوف عن القراءة في الآونة الأخيرة برأيك ما السبب ؟

الأسباب كثيرة منها وضعية الكتاب باعتباره منتوجا سلعيا إذا غلا ثمنه قلّ الإقبال على اقتنائه ومنها سياسة الدولة الخرقاء في مجال إنتاج الكتاب… هذا إضافة إلى المنافسة الشرسة التي تمارسها الصورة في التلفزيون وفي الحواسيب والهوا تف الذكية والألواح الإلكترونية… فضلا عن تدنّي المستوى المعرفي لدى خريجي المدارس.

بعد هذا الانجاز الثقافي هل أنت راض عن نفسك ؟

من الأكيد لست راضيا… وعدم الرضا هذا بعضه بسبب اختياراتي الخاطئة لمسار حياتي ولمسار الدراسة الأكاديمية… وبعضه بدافع الرغبة في تجاوز الوضع الحاصل والطموح إلى ما هو أفضل.

 في نهاية حوارنا نود أن نشكرك وهل من كلمة أخيرة ؟

بل الشكر موجه لكم… وما أود أن أختم به هو دعوة الكتاب أيّا كان اللون الذي ينتجون فيه أن يولوا اهتمامهم بالتراث استغلالا إبداعيا وإجلاء لمكنوناته المعرفية العظيمة ما يستحق من الاهتمام وسوف يجدون فيه ما يبهر عقولهم.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق