الفنون

المنستير: ندوة وطنية حول “المكان في الممارسات الفنيّة “

وقد تمحورت أشغال هذه الندوة حول إشكاليات” الموقع/المكان”من خلال حوار علميّ وفني يسعى إلى إعادة التفكير في الحيثيّات والإحداثيات الممكنة لفضاء الإبداع في الممارسات الفنية الحالية وفق عديد التجارب المطروحة للدراسة والتفكير.

 وقد جاء في ورقة عمل الندوة أن هذا الفضاء أي المكان في الممارسة الثقافية ” لم يكفّ أبدا عن توسيع رقعة حدوده وطرق تشكّله وطاقاته وذلك نظرا لتنوّع التجارب وتعدّد التجريب الذي يبدو إشكاليّا وحتّى سجاليّا بمعنى أنّه يدعونا بلا هوادة إلى التفكير في إحداثياته غير الثابتة إلى حدود اللاّتأكيد” .

كما أبرزت أشغال الندوة أن الحراك في صلب التفكير في المكان ذاته يبني حوارا كوجيتويّا حول مكوّناته الجمالية المتحركة في اِتّجاه اِختراق قواعده بإبداعيّة.

إنّ جمالية المكان -واللاّمكان- وخارج المكان في إحداثيّاتها المادية العينية والذهنية الفكرية وحسب ما جاء في مداخلات الندوة هي في حدّ ذاتها متغيّرة موصولة إلى تعدّد الميادين الفنيّة المتداخلة،فالمكان هو الآخر معيش، المكان و البيْ/مكان بوصفها نفاط تقاطع وتظافر بين الفنون وأنواعها كما يمكن لهذا المكان المتعدّد أن يكون مكانا للمباهاة، للبرفورمونس، للتنصّب ولفنّ الموقع أو لإبداع أدبي وشعري يعيد خلق الفضاء الحسّي الموصوف برمّته.

 كما أكّدت المداخلات المقدّمة أن المكان في نسبه التشكيلية والمسرحية والأدبية مكوّن عضوي للعمل الفنّي ،وفي خصائصه، يتآلف المكان لا مع الواقع فقط بل مع الهيليّ أيضا وكذلك الإفتراضي ويتمتّع بإنشائئيّة التلقّي الذي من خصائصه اِنفتاح الحقل التأويلي على اِمتدادات الإبصار والفهم. أمّا بالنسبة إلى الفنون البصريّة وحسب هذه المداخلات فالمكان يتآلف عبر التكنولوجيات الحديثة سواء كانت رقميّة أو فيديوغرافيّة أو على صفحات الواب أو اِفتراضيّة كما يتلقى المكان وفي كل أبعاده المحسوبة واللامحسوبة كل التوسّعات والتحوّلات الممكنة.

أم في محطّات فنيّة أخرى مثل الـ “ستريت آرت” فيسائل الفنّان الفضاء العمراني ويطرح سؤال هويّة المكان نفسه من خلال رفض جميع حجج الأمكنة المتّفق عليها والأمكنة المؤسساتية للفنّ مثل الفضاءات المتحفيّة وتضاف إلى هذه الاِكتشافات اللاّاِفاقية للمكان أشكال أخرى من الفنّ المعاصر مثل الـ “هابنينغ” وفنّ الأرض… وغيرها.

وفي هذا المعنى المخصوص للغاية، فإنّ خارج/المكان، ليس نفيًا للمكان، بل هي اِنبثاق ونشوء لجمالية جديدة للمكان وهو أيضا مكان للمجازفة كما أن مجازفات الأمكنة، التي وبصفة برادوكساليّة تدفعنا نحو اِكتشاف القبول الجديد والدلالات الإشكالية المفتوحة التي بحاجة إلى التفكير والنقاش فالتنضيدات والتنصيبات من كل نوع تعيد صياغة الأغراض في أمكنتها إلى الحدّ الذي يصل فيه المكان إلى قاعدة الاِنقسام والاِختراق ومن هنا ينبع أحد أهم مقوّمات الفعل الفنّي الذي يغامر خارج القواعد والأمكنة المتخلّى عنها لفائدة مسارات وضوابط جديدة للفضاء والمكان.

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق