الصحافة الحرّة في خطر
ما تفعله “الهايكا” اليوم غير مقبول ويعدّ ضربا لحريّة الإعلام التونسي الذي عانى أهله كثيرا في أنظمة ما قبل الثورة، واليوم تعود حليمة لعادتها القديمة ويرجع بنا إلى عهد المراقبة اللصيقة والتفتيش الذي كان يقيمه نظام بن علي على حريّة التعبير والتضييق على الصحافة والصحفيين من خلال وزارة الإتصال والعلاقات مع مجلسي النواب والمستشارين وقبلها كتابة الدولة للإعلام وما كان ينعت بـ “البوليس السياسي”، كلّ تلك الهياكل التي صادرت حريّة الكلمة ودفنت الصّوت الحرّ.
حان الوقت أمام هذه التصرفات غير الواعية من “الهايكا” أو أيّ هيكل كان من كان أن يهبّ أحرار وشرفاء الصحافة والإعلام والإتصال لنصرة الحريّة التي افتكها الصحفيّون افتكاكا من التسلّط الذي فرض عليهم بما كانوا يصطلحون عليه بـ “القانون” وما هو بقانون، اليوم يجب وقف هذا التيّار الذي ستكون نتيجته الحتم ضرب التنوّع والقضاء على الإختلاف. وحاليّا كلّ الهياكل المهنيّة ذات العلاقة بالإعلام والصحافة سواء في القطاع العامّ والخاصّ من واجبها التحرّك العاجل في هذا المستوى، وفي مقدّمة الجميع النقابة الوطنيين الصحفيين وكذلك الأمر بالنسبة لنقابة أصحاب المؤسسات المستهدفين هم أيضا من مثل هذه التدخّلات، ومن واجب الجميع أيضا الدّفع في اتجاه إنشاء مجلس وطني للصحافة يتولّى الإشراف على مثل هذه الأمور بصفة موسعة وبطرق متأنيّة فيها الرصانة والحكمة والإنتصار للصحفيين ولحريّة التعبير والصحافة والنشر.
لا نريد أن نرجع إلى “محاكم التفتيش” ضدّ هذا الصحفي أو تلك الوسيلة الإعلاميّة مهما كان نوعها ومهما كان خطها التحريري، الإعلام التونسي في خطر خاصّة وأنّ الإستهداف يطال والحقّ يقال لونا إعلاميّا على حساب آخر، اليوم متطلبات البناء الديمقراطي الحقيقي تقتضي صحافة حرّة لا موالية ولا مهادنة ولا صمّاء ولا عمياء، صحافة سمتها الإختلاف ويجمعها حبّ الوطن وتغليب مصلحته قبل أيّة مصلحة.