سرّ التهافت على الكراسي: “تــــونس : البـــقرة الحلـــوب”
هؤلاء هلّوا على البلد وأهله وأوّل ما أطلّوا علينا في الإعلام بدأ تمجيد الذوات وتقديم الدروس في الوطنيّة ثمّ التركيز على التضحية بالمناصب والرواتب الضخمة في بلدان المهجر، هؤلاء الذين أعدّت لهم سلفا “منابر على القياس” للقيام بالدعاية المطلوبة وتمرير الومضات الإشهاريّة من قبيل إعلان الياغورت الذي كانت تبثه التلفزة التونسيّة وتلك النغمة المأثورة المحفورة في الذّاكرة “أهلا يا زياد نوّرت البلاد”.
وبالفعل تنورت البلاد بمديونيّة تخطت أكثر من 53 بالمائة وبعجز في الميزانيّة العامّ بما يتجاوز 7 آلاف مليار وتعطّل في كلّ مرافق الحياة، بالفعل تنوّرت البلاد بهؤلاء الذين يرون مجيئهم إلينا كأنّه “مزيّة” ومعروفا وهم في الحقيقة جاؤوا فجلبوا معهم الكوارث والمصائب فزاد الوضع تشرذما وتفاقم الفقر والبطالة والإٍرهاب والتهريب، وتنامت الجريمة واشتعلت الأسعار، بشكل أصبح فيه التونسي لا ينام أو يستيقظ إلاّ على نازلة من النّوازل.
حاليّا وخاصّة بعد أن فتحت الثورة أعين النّاس وأنضجت فيهم العقول والفكر، لا أحد يصدّق أنّ هناك من يضحّي براتب شهري بمئات الملايين وبوظيفة دائمة في إحدى المؤسسات الغربيّة أو الأمريكيّة أو في غيرها من بلاد الله الواسعة هكذا سبهللا و”لله في سبيل الله” من أجل أن يعمل سنة أو أقلّ في منصب سياسي من المفترض أن تكون مشاكله طاغية على منافعه، والنّاس الأذكياء والمختصون الحقيقيّون يرجعون إختلال الموازنة العامّة ممثلة بالخصوص في ارتجاج الماليّة العموميّة والتقهقر الكبير في مؤشراتها إلى سوء التصرّف، بما يعنيه من دلالات أفعال هؤلاء الذين تقلّدوا المسؤوليّات وتصرّفوا في أموال وضعت على ذممهم فذهبت في غير محلّها وفي مشاريع لم تنجز وأخرى تؤجّل في كلّ مرّة إلى حين.
يفهم النّاس كلّ شيء ولا داعي للكلام الكثير، “سياسيّو الغلبة” جرّوا دولتنا إلى العجز والإفلاس بسبب أفكارهم الممجوجة وشطحاتهم السقيمة حوّلت الدولة في ظرف 4 سنوات من واحة خضراء عليلة، رغم ما فيها من جور وظلم، إلى صحراء خالية قفراء، خاوية على عروشها.
فقط الحقيقة التي يعرفها الجميع أن دواعي الهرولة إلى الكراسي والتضحية بالغالي والنفيس مردّها أنّ تونس بالنسبة للكثيرين “بقرة حلوب” .