أسرار قصف المفاعل النووي السّوري الجزء الثاني… نهاية المطاف
قضية خطيرة تمت في الظلام
إجتياح العراق أولا ..
التزم بهذا التعهد أولئك الذين حضروا اجتماعات مجلس الأمن القومي في الأيام التي عقبت 11 سبتمبر وكان قرار إجتياح العراق قد إتخذ وهو يهدف إلى تأديب صدام حسين وجعله المثال الواضح لكل من يتجرأ على معاكسة سياسة الولايات المتحدة ويسعى لامتلاك اسلحة الدمار الشامل وبأي شكل من الأشكال أو الوسائل .
وحتى الآن وبعد مرور كل هذه السنوات الرئيس وأتباعه يتذكرون محور الشر تم كمرحلة أولى غزو العراق واحتلاله بدعوى تخليص العالم من خطر أسلحة ” الدمار الشامل ” ، ولكن في تفاصيل العملية لم يتم العثور على اسلحة الدمار الشامل لدى العراق ، لتوفر السبب والمصداقية لتلك الحرب ، وظل الافتراض ان تلك الاسلحة الخطيرة موجودة لدى إيران وكوريا الشمالية وسوريا ، ومرة أخرى أعود بكم إلى مذكرات ” ديك تشيني ” الذي يقول : ” تلك الدول المارقة كانت تعمل على تطوير أسلحة دمار شامل وأكثر من ذلك ” وتزامن ذلك مع نشر تقارير تحدثت عن قيام سوريا بتسهيل مهمة تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق للمشاركة في أعمال مقاومة الاحتلال ، حيث قاد ذلك إلى قتل الكثير من جنود أمريكا وساهمت إيران بتوفير التمويل والأسلحة لنفس الغرض فضلا عن توفيرها الأسلحة لطالبان في أفغانستان ، كما كانوا يقوموا بالسر والعلن بتوفير الدعم لحزب الله اللبناني ، ويمكنوه من تهديد إسرائيل وزعزعة سيطرة الحكومة اللبنانية ، كل الذي تقدم وتوجهات أخرى رأت فيها الإدارة الأمريكية أنها تشكل خطرا كبيرا على مصالحها في الشرق الأوسط…
ماذا قدمت الصور الإسرائيلية
بعد تحليل الصور والتثبت مما فيها من معلومات لوجستية ، استعادت القيادة الأمريكية أفكار وخطط وقرارات قد اتخذتها ضد الدول التي تطلق عليها لقب المارقة – محور الشر – وتحققت من جمع معلومات عن الدول المتحالفة معها ، الصور الإسرائيلية قدمت معلومات متباينة وبغض النظر عن طريقة الحصول عليها ، يقول – مائير داغان – : ” قلت للرئيس – جورج دبليو بوش – نحن بحاجة إلى استراتيجية أكثر فعالية في ردع الجهود العدوانية ومواجهة التهديدات المحتملة ، وأنا أعتقد أن خطوة أولى مهمة يجب اتخاذها سريعا ويجب أن تقود إلى تدمير المفاعل الموجود في الصحراء السورية وذلك من خلال شن غارة جوية على الموقع الموجود داخل الأراضي السورية ، أن النظام السوري يسعى إلى تأكيد مبدأ القوة والنفوذ كما كان يسعى العراق قبل الاحتلال “
استرجاع للحدث الأول
في العام 2003 وصلت قوة الولايات المتحدة ذروتها وشكلت الأحداث المتعاقبة العصر الذهبي حيث سقطت كابول في غضون بضعة أسابيع ، سقوطا شكل حالة من الصدمة ونشر الرعب من قصف الطائرات والصواريخ الأمريكية ، وفي الهدف الثاني دفعت بقواتها لاحتلال العراق وكان اقتلاع تمثال – صدام حسين – بواسطة دبابة وسحبه بسلسلة قوية وتحطيمه على الرصيف بمثابة إعلان عن سقوط احد أركان المحور – محور الشر – الذي اعلنه – بوش – ووضع له إطار من خلال استعراض ببدلة مقاتل من صنف الجو وصعوده إلى الطائرة المقاتلة من على ظهر حاملة الطائرات ” لنكولن ” وهو إشارة بإنجاز المهمة العسكرية ، وفي العام 2007 وفي مذكراته التي نشرها عام 2011 وفي فيلم متلفز كلقاء تم معه يشير ” ديك تشيني ويقول : ” كان هناك نوع من السلطة والنفوذ تحقق لدينا في عام 2003 وبعد أربع سنوات أعلن النصر في العراق ” ، ظل نائب الرئيس الأمريكي يوصي بشدة لمهاجمة سوريا لأنها أرسلت عبر حدودها إلى العراق أكثر من مئة ألف مقاتل تسببوا في مقتل خمسة آلاف جندي أمريكي والألآف من ضحايا الحرب الذين فقدوا أطرافهم ، في ذلك الوقت كان العرق يقترب من حافة الفوضى الرهيبة ، وليس هناك نهاية للحرب في الأفق ، ليس متوقع أن تنظر إلى النهاية فتجدها كأنها البداية ، الأحداث والتفاصيل كأنها تختفي في سحابة داكنة يشيع فيها الارتباك والجدل .
كما أن عدم ظهور أسلحة الدمار الشامل لم يقدم أي ذريعة أو شرعية لتواجد تلك القوات في أرض العراق ، أن ذلك الغزو لم يحقق انتصارا سريعا وساحقا بل تحول إلى مستنقع تورطت فيه القوات الأمريكية ، التي احتلت وقمعت بلدا مسلما عربيا وبواسطة دول وكيانات عربية ، وبعد مرور أربع سنوات واجهت تلك القوات احتمال الهزيمة وكادت أن تخسر السلطة والنفوذ ، وخلال تلك الفترة استغلت كوريا الموقف و إكتسبت وأنتجت السلاح وتمكنت من الحصول على السلاح النووي .
بينما سارت إيران وسوريا على ذات النهج لبناء المفاعلات والعمل على إنتاج الطاقة النووية …
خسائر كبيرة وفقدان الهيبة ..
أفرز إحتلال العراق معادلة جديدة على المسرح الدولي وتم تسميتها الظاهرة العراقية المعادية للولايات المتحدة ورفض سياساتها الغاشمة ، في العراق ولدت المقاومة مع الغزو ، وولدت أيضا رغبة التجاوز والتطاول على الولايات المتحدة من قبل الدول الصغيرة ، حيث صنع العراق تلك المعادلة ، دول كبيرة وصغيرة قالت لا في وجه الاحتلال.
كما صار واضحا الأزدراء والاحتقار لتلك السياسة الهوجاء ، كل عطب وخسارة منظورة وغير منظورة منيت بها أمريكا صنعها العراق ، أرتد الغزو الكارثي ليلطم وجه – جورج دبليو بوش – ، تم فضح إجراءات الحرب وتلك السياسة قصيرة النظر التي نفذها – اليمين المتطرف – أفرزت سياسة الاستهزاء من جميع بلدان العالم هذا ما يدركه المتلقي الواعي وهو يتفحص تلك النظرية التي تداخلت فيها السلطة والنفوذ ، كان لدى الولايات المتحدة فترة إزدهار وتعاظم قوة وسيطرة مطلقة وإخضاع لكل دول العالم ، العراق دمرّ تلك الصورة بما فعل ، في العام 2003 كان العالم كله رهينة في يد أمريكا إلا العراق كان رغم احتلاله خارج القبضة الأمريكية ، حطم كبرياء المحتل وكاد ان يلحق بأمريكا أقسى هزيمة في التاريخ المعاصر بعد هزيمتها في فيتنام ، بغداد توثق الغزو والسيطرة عليها من المحال ، والتمرد فوق تراب أرض السواد أصعب مما تعرفه وتصنعه ” أفلام هوليود ” والقوة المتغطرسة أصبح استمرار تفوقها ضربا من الوهم…
” يتبع “