الحضارة التي سبقت حضارة الإغريق والرومان
يُعد كتاب البروفسور – هنري ساغس – المكرس للحديث العلمي المعرفي عن حضارة العراق ومصر القديمة – هو من أهم الكتب التي اقتربت بذكاء وحياد تام من فضاء الحضارة المتشكلة في بلاد مابين النهرين سابقا والتي خرجت منها حضارة العالم الحالي ، وقد رصد بعين العالم الباحث تأثير تلك الحضارة القوية ذات الذكاء الفطري على حضارات أخرى ظهرت فيما بعد في بلاد الأغريق والفراعنة والرومان و الهند وغيرها .
لقد تميزت بالإبتكار ونشر المعرفة في علوم مهمة مثل الفلك والطب والتشريع والديانات والقانون – في كل صفحة مما سينشر من سجل هذا الإبحار المعرفي الجديد سيجد القاريء ثمة عمل مبهر ودقيق في الكتابة والترجمة والتفسير والتعليق بما يتناسب مع عمق المعلومات وأهمية الكشف عن المدّون في الألواح الطينية من خلال الكتابة المسمارية ، وتلك يحسبها الكاتب دون غلو تجربة فريدة وفتح جديد للمعلومات المغيبة عن حضارة العراق والتي يؤدي نشرها الى تصحيح الكثير من الأفكار والمفاهيم الخاطئة التي سادت في الغرب وفي العراق بشكل خاص .
وجد الكاتب في إختياره لهذا الكتاب من بين مئات الكتب التي أبحرت عيني السومرية على صفحاتها انه اكثر دقة في منهج كاتبه الحيادي حيث بدى دفاع مقاتل عن منهج الحق والمعرفة والتدوين المطلوب ، المؤلف والمترجم كتبا كل صفحة برؤيا عميقة ومشوقة وبتعبير مشرق.
وإتخذا منهج الإختيار المؤكد والمؤثر في رسم التفاصيل الأكثر صدقا والمستلة من خليط البيانات والمعلومات من تلك التي تنشر الحقيقة والثقافة وتعيد الحياة الى سجل التاريخ والحضارة والعمل على وضع المقارنة الواعية السليمة بين بما يؤكد المقارنة بين الثقافات والحضارات المتعاقبة وتشريح جهد كل حضارة من تلك التي وصلت الى الذروة وتفكيك مفرداتها والبحث في جذورها ونشأتها وما قدمته إلى تراث العالم الكبير .
في الكتاب أيضا نجد نظرة علمية غنية بالمعلومات والمنجزات المفيدة لتكوين البشرية وتطوير سجلها الثقافي الحضاري المشترك .
هناك كشف بصور ومعلومات مهمة ومؤثرة ودقيقة تنشط الفعل البشري الباحث عن التعلم والتحرك نحو الابتكار وتُعد جهدا نموذجيا ، الكثير من الحقائق المتعلقة بحضارة بلاد ما بين النهرين قد اهملت عمدا من قبل النشاط الثقافي المعرفي الغربي ، بخس لدورها وتأثيرها ونسب سجلها المعرفي لأقوام أخرى أو لحضارات جاءت بعدها ،انكار التأثير والارتباط والنقل للتجربة والانجاز كانت تمثل تغييب للحقائق والمعلومات ،في مكتبات العالم القديم خاصة الألواح وصفحات البردي في حضارة سومر – الفراعنة – بابل – اشور ، والحضارات الأخرى المجاورة والبعيدة ، الكتاب يعرض تلك الأفكار والمعلومات بأسلوب رشيق مليء بالعرض الذي يتسلل إلى النفس والعقل وفق صور الكتابة المرحة وذلك يُعد جهدا مبتكرا أطلع به عالم لا يشك في انجازاته العلمية .
حيث عمل المؤلف سنوات طويلة استاذا في جامعة ويلز لتدريس اللغات السامية وشارك في العديد من بعثات البحث والتنقيب في العديد من المواقع الحضارية القديمة….