التسامح المتكامل طريقك نحو الحب و العطاء
التسامح هو أن أكون مرتاح البال, صافي, أشعر بأنني أحضن الكون و أشعر بمحبة لكل مخلوقات الله فالتسامح و الأخوة و المحبة في الله هي من صفات أهل الجنة و هي أيضا الاعتراف و تقبل ثقافة الآخر المختلف و للتسامح قيمة كبيرة في منهج الاسلام و عقيدة الموحدين,فقد ورد في الحديث: ” أتدرون على من حرمت النار؟” قالوا: الله ورسوله أعلم, قال ” على الهين, اللين, السهل, القريب”..
وقد ثبت علمياً أن من أهم صفات الشخصيات المضطربة التي تعاني من القلق المزمن هو أنها لا تعرف التسامح ولم تجرب لذة العفو ونسيان الإساءة.
فما هو مفهوم التسامح ؟و كيف نصل الى التسامح المتكامل؟ و ماهو تأثير السامح على حياتنا؟.قوة التسامح ؟؟التسامح هو منتهى القوة و هو أقوى علاج على الاطلاق يمنحنا كل مانبغيه و يمكن أجهزتنا المناعية أن تقوى عندما نتسامح ونصفح و التسامح هو قرار بانهاء المعاناة و التخلي عن إعتقادنا بأننا ضحايا وهو أول خطوة نحو الصفح عن أنفسنا وهو عملية مستمرة تصنع المعجزات و تجعلنا أقرب بكثير الى الله و في علاقة مباشرة معه سبحانه ولن ندخل الجنة حتى نكتسب هذه الصفة.
**البغضاء حالقة للدين مدمرة للجسم هادمة للأوطان :يقول صلى الله عليه وسلم :”دبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمُ الْبَغْضَاءُ وَالْحَسَدُ ، وَالْبَغْضَاءُ وَهِيَ الْحَالِقَةُ ، لَيْسَ حَالِقَةَ الشَّعْرِ لَكِنْ حَالِقَةَ الدِّينِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يَثْبُتُ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُم”البغض طاقة سلبية متفجرة, مدمرة, تجذب للانسان كل ما هو سلبي ليس فقط قطيعة و عزلة انما أمراض, كساد في التجارة, مشاكل أسرية, مشاكل في العمل… فكل طاقة تجذب مثيلاتها و الانسان الحامل لمشاعر الكره و البغض لا يعرف الراحة ولا السلام الداخلي فهو في رحلة بحث محمومة كيف يأخذ بثأره و يؤذي الطرف الآخر.
وهنا يجب أن نفرق بين التسامح و العفو عن الناس وبين عدم التفريط في الحقوق الشخصية و الثوابت الفكرية و العقائدية و أصبح انسانا سلبيا و لكن الحكمة في أن أسعى للدفاع عما سبق ذكره و أنا في كامل هدوئي و اتزاني النفسي و أن أسعى دائما للتفريق و الفصل بين الشخص وسلوكه, واذا غضبت من شخص ما فلا أهدر طاقتي في الغضب والضيق و الحزن.
**لماذا نعجز عن التسامح؟؟؟ من أهم الاسباب التي تجعل الانسان عاجزا عن المسامحة هي اعطاء معنى سلبي للفعل الايجابي عندما نربط سلوك التسامح (فعل ايجابي) بمعنى سلبي ( التنازل, قلة الحيلة,…) ** وزيَّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون** مثال:
الضعف : يعتقد الكثير من الناس أن التسامح يعد ضعفاً, فمعنى أن أتسامح أن أتنازل عن حقوقى و هذا خطأ.
تقبل الإهانة : يعتقد البعض من الناس أيضاَ أن التسامح يعتبر أن نتقبل الإهانة من الأخرين و السكوت على إسائتهم لنا.نسيان التجربة : و يعتقد البعض أيضاً أن التسامح يعنى نسيان التجربة بكاملها و ترك الفرصة سانحة أمام الأخرين للنيل منا, إذن فلابد أن يتغير الأخرون و يبادروا بالحديث و الصلح, و هذا خطأَ أيضاً.
** مراحل التسامح المتكامل
التسامح مع الله :((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ))أولى مراحل التسامح هو طلب السماح من الله سبحانه و تعالى وذلك عبر التسامح مع نفسي و مع الآخرين يقول صلى الله عليه وسلم ” من لا يغفر لا يُغفر له ” واجتهد أن تصلح علاقتك بالله لأن ذلك له تأثير بالغ على مجريات حياتك.
التسامح مع النفس :التسامح مع النفس هو أن يتصالح معها ويزيل على عاتقه آلام الماضي و احباطاته و يبدأ من جديد في رسم خطوات حياته بكل حب و عطاء وطلب العون من الله سبحانه ويقول لماضيه لقد سامحتك وتعلمت منك..شكرا و يبدأ من جديد مستفيدا من التجربة حاملا ما يكفي من الخبرات و التجارب المهمة ” كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي”.
التسامح مع الوالدينالسامح مع الوالدين على الماضي مصاحبتهما في الدنيا بالمعروف و التقرب الى الله بطاعتهما والبر و الدعاء , وطلب الرحمة و المغفرة لهما ربما يكونا أخطآ في حقنا عن غير قصد, فالعفو التسامح من ثم الحب يعيدنا الى الفطرة السوية, و يقول عليه الصلاة و السلام: (( رغم أنفه, قيل من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك والديه أو احدهما عند الكبر أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة ))التسامح مع أفراد الأسرة وهنا أذكر قصة أخوين كانا على الشاطئ فحدث بينهما موقف جعل الأخ الأكبر يضرب أخاه فكتب الأخ على الرمال لقد ضربتني ثم بعد فترة تعرض الأخ الأصغر للغرق فأسرع اليه أخوه الأكبرو أنقذه فكتب الأخ الأصغر على الصخر لقد أنقذني أخي وعندما سأله عن سر ذلك رد عليه قائلا : لقد كتبت على الرمال أنك ضربتني حتى تجئ الرياح فتزيلها فأنساها, و كتبت على الصخر أنك أنقذتني حتى لا تمحى أبدا و لا أنساهاالتسامح مع الناسان الانسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده لذلك كان عليه أن يسامح و يغفر لمن أساء اليه, تقبل غيرك حتى يتقبلك الآخرون و أعلم أن لكل شخص عيوبه و تذكر أن ما ترسله سيعود اليك من نفس النوع ((وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) فالعفو مظهر من مظاهر حسن الخلق و دليل كمال الايمان.
** التسامح المتكامل طريقك نحو الحب و العطاء:الاتزان الداخلي و راحة البال شيء يطمح إليه الجميع لأنه يجعل صاحبة يتقبل نفسه كما هي فيصل الإنسان لمرحلة الحكمة والسعادة التي ستجعله يعيش في الحاضر لا في الماضي و تمكنه من الوصول و التعرف على الذات الحقيقية (الايجابية) أي الذات العليا التي تتميز بالتسامح و الحب الذي يشع بكل أنواع الخيرات و يمكننا من الاستمتاع بالحياة عبر التواضع وتعلم الصبر و الصدق و الثقة بالنفس و حسن التعامل وبناء علاقات فعالة تقودنا الى النجاح و التميز و تعلم الصبر و الصدق و العطاء.
**خطوات التسامح
1- الإدراك : يجب أن يعي الانسان أنه يجب أن يكون متسامحا فالإدراك يمثل 55%
2 -الإستفادة من التجربة: اسأل نفسك بعد كل تجربة ماذا استفدت؟
3 -الإحتفاظ بالمهارات : الدرس أو القيمة التي خرجت بها من تجربة الخصام
4 -التخلص من الأحاسيس السلبية و بناء مشاعر إيجابية
5 -الفعل : وهو القرار بالتغيير و اكتساب سلوك المسامحة و العفو
يحكى أن رجلا ذهب الى “سقراط” و قال له : انني أريد أن أسكن معكم في هذه البلدة فما حال الناس هنا؟ فقال له سقراط : ماذا عن حال أهل بلدتك التي كنت فيها؟ قال الرجل : كانوا قوم سوء..فلم أرى فيهم أحدا يحبني, فقال له سقراط : و أهل هذه القرية مثل أهل قريتك تماما لا يختلفون عنهم في شئ فارجع الى قريتك أو اذهب الى قرية أخرى غير قريتنا……..