الحبيب الصيد: نخوض حرباً شاملة على الإرهاب
ودعا الصيد كافة التونسيين، إلى الانخراط في هذه الحرب التي قال إنها: « حرب طويلة وتتطلب اليقظة وطول النفس، وجاهزية كبري، في الوسائل والماديات وأيضاً في العنصر البشري، بمعنى أنها تتطلب تعاونا مجتمعيا شاملا، وليس مهمة الأمن والجيش لوحدهما ».
وفي إشارة إلى شروع الدولة التونسية في توفير وسائل مقاومة الإرهاب، أشار الحبيب الصيد إلي « أن الميزانية المعدلة، التي صادق عليها البرلمان مؤخراً، قد أقرت دعما ماليا كبيرا لتجهيز الأمن والجيش، من أجل دعم جاهزيته في الحرب على الإرهاب »، حيث تم تخصيص 306 ملايين دينار إضافية للميزانية التكميلية لدعم المعدات والتجهيزات اللازمة للأمن والجمارك والمؤسسة العسكرية.
ورداً على وجود تقصير أو خلل أمني، كشفت عنه العمليات الإرهابية التي استهدفت تونس خلال الفترة الأخيرة، خاصة عمليتي « باردو » و »سوسة » التي قتل فيها 39 سائحاً، أكد رئيس الحكومة التونسية على « أن الحديث عن خلل، أمر مبالغ فيه، قد تكون هناك أخطاء وهذا ما جعلنا نسارع بتقييم ما حصل، ونحدد مواطن النقص، ولعل الإجراءات التي تم اتخاذها، ومنها تغييرات وإعفاءات في عدد من المسؤوليات الأمنية، إضافة إلى إحداث تعديلات جوهرية على الخطة الأمنية في مواجهة الإرهاب، إضافة إلى تأمين المدن والمنشآت الهامة والمناطق السياحية، وتعزيز الأمن السياحي عدداً وعتاداً.. كل ذلك جاء نتيجة تقييم جدي ».
وأوضح الصيد أيضاً أن الخطة الأمنية الجديدة، تأتي بعد حدوث انتقال في خطط العمليات الإرهابية، التي انتقلت من الجبال إلى المدن، والتي استوجبت بدورها انتقال مؤسستي الجيش والأمن الى مرحلة الاستباق والهجوم.
كما أوضح رئيس الحكومة التونسية، أن نسبة صفر في حدوث عملية إرهابية، أصبحت في عالمنا اليوم تكاد تكون مستحيلة، فالعمليات الإرهابية طالت حتى الولايات المتحدة وبريطانيا وكذلك فرنسا وإسبانيا.
وفي ذات السياق لم ينف الصيد، إمكانية وجود ما يمكن أن نطلق عليه « حالة ارتخاء »، وأرجع محدثنا وجود مثل هذه الحالة، إلى أن المؤسستين الأمنية والعسكرية في تونس، قد أنهكتا على امتداد الأربع سنوات الأخيرة، فهي غير متفرغة لدورها الطبيعي، بل أنيطت بعهدتها حراسة المنشآت الحساسة، وتأطير الاحتجاجات.
ويرى رئيس الحكومة أن هذا « الإنهاك » لم يمنع المؤسستين « من تحقيق نجاحات كثيرة في مواجهة الإرهابيين، وأفشلت العديد من العمليات الإرهابية بشكل استباقي، وقامت بعمليات نوعية ».
وبسؤاله عن وجود أسباب أخري غير معلنة وراء إعلان الطوارئ، بعد أسبوع من مذبحة « سوسة »، التي سقط فيها 39 سائحاً، وهل ستساعد في الحرب على الإرهاب، أشار رئيس الحكومة التونسية إلي « أن الطوارئ هي إجراء استثنائي، بقصد مواجهة وضع هو أيضاً استثنائي، وقد اتخذ بقصد دعم مجهود الدولة في الحرب على الإرهاب، كما أنها تفسر بوجود خطر حقيقي وداهم، وليس لها أية علاقة بالتضييق على الحريات، مثلما ذهب إلى ذلك البعض ».
وحول تمديد حالة الطوارئ قال الصيد: « إن تمديدها هو خاضع لتطورات الوضع الأمني، في علاقة بالحرب على الإرهاب، على أن الطوارئ تبقى إجراء استثنائيا، وستنتفي طبيعياً بانتفاء أسبابها ».
وحول الاحتجاجات التي قوبلت بها الإجراءات الحكومية، التي تم اتخاذها بعد عملية « سوسة »، خاصة المتعلقة منها بغلق حوالي 80 مسجداً، شدد رئيس الحكومة الحبيب الصيد على « أن الحكومة لم تغلق المساجد، وإنما قامت بمجرد إجراء هدفه القيام بتسوية إجرائية وقانونية للبعض منها، فالجامع هو مؤسسة تخضع لقوانين وترتيبات لابد من احترامها، وبهذا فإنه سيتم فتح ما غلق بمجرد تسوية وضعيته، وهذا ما بدأ يحصل فعلياً ».
كما أكد على أن إجراء غلق بعض المساجد، لا يستهدف مقاومة التدين أو غلق بيوت الله، كما يروج إلى ذلك البعض.
وفي إجابة عن سؤال حوا التجاوزات الأخرى التي برزت في الحرب على الإرهاب، لعل أبرزها حصول عدة حالات تعذيب، وهو ما أكدته جمعيات حقوقية مشهود لها بالمصداقية على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال الحبيب الصيد إن « ما حصل لا يعدو أن يكون مجرد تجاوزات فردية، وهو ليس سياسة ممنهجة، وقد تم فتح تحقيق بمشاركة نواب في البرلمان، في كل التجاوزات المعلن عنها ».
كما أوضح الصيد « أن وضعية حقوق الإنسان، لم تعد مثلما كانت في السابق، أي قبل الثورة، كما أنها ليست مجالا للمزايدات »، إضافة « إلى أننا نخوض حرباً على الإرهاب، من أجل حماية المسار الديمقراطي الذي تعيشه بلادنا، والذي ما زال فتياً ومهدداً بالانتكاس ».
وتعليقاً عن جدوى بناء « الجدار العازل » مع ليبيا، الذي قوبل برفض سواء في الداخل أو من قبل الجانب الليبي، أوضح الحبيب الصيد « أنه مجرد حاجز ترابي، معزز بخندق مائي، استدعته ضرورة دعم المراقبة الأمنية، لمزيد إحكام مقاومة التهريب (البضائع والسلاح)، وكذلك لمواجهة التداعيات المحتملة لتطورات الوضع في ليبيا ».
وقال الصيد: « إنه وفي بدايته أثبت جدواه – أي الجدار- ، إذ تمكنا من إبطال العديد من عمليات التهريب، التي هي في الغالب مرتبطة بأنشطة الجماعات الإرهابية، التي تنشط في الجانب الليبي. وهنا أشير إلى أنه سيقع قريباً تهيئة ثلاثة معابر جديدة بين تونس وليبيا لتيسير عملية تنقل الأشخاص والبضائع بشكل قانوني ».
في ما يتصل بالرد على الاتهامات التي يوجهها الطرف الليبي بأن تونس بلد مصدر للإرهابيين نحو الأراضي الليبية، بين الحبيب الصيد « أن الشباب التونسي الذي التحق بسوريا والعراق ثم ليبيا، هم من الذين تم التغرير بهم من قبل الجماعات المتشددة، بدعوى الجهاد في سبيل الله ».
كما أشار أيضاً إلى « أن هؤلاء الشباب وجدوا في ليبيا فضاء مناسباً للتدرب على القتال والعنف، وذلك في ظل عدم سيطرة الدولة الليبية على كافة أراضيها »، مشيراً إلى وجود عدد كبير من المعسكرات، التي يتدرب فيها الشباب على القتال، من قبل الجماعات الإرهابية، مثل « القاعدة » و »داعش » وغيرها.
وعن سؤال حول كيفية استعداد الدولة التونسية لمنع شبابها من التحول إلى وقود نار في بؤر التوتر، وكيف ستواجه مستقبلاً عودة حوالي 6 آلاف مقاتل، قال رئيس الحكومة التونسية: « إن أجهزة الدولة التونسية، وبالتعاون مع العائلات ومنظمات المجتمع المدني، تقوم بدور كبير لوقف هذا النزيف، المتمثل في تنامي أعداد الشباب المنجذب للتيارات الإرهابية »، مشيراً إلى أن حكومته « نجحت خلال الأشهر الأخيرة في منع حوالي 10 آلاف تونسي، من الالتحاق بهذه الجماعات ».
أما في ما يتعلق بكيفية التعاطي مع عودتهم والخطر الذي يمكن أن يمثلوه، فقد قال الحبيب الصيد إنه تم وضع خطة أمنية ونفسية واجتماعية، لتيسير عملية مراقبة العائدين وإعادة إدماجهم في المجتمع، مشيراً الى أن ملفاتهم تدرس حالة بحالة.
ودفاعاً عن أداء حكومته، قال الحبيب الصيد: « إن الحكومة ومنذ انطلاقتها واجهت أوضاعا غير مستقرة، فإلى جانب المشاكل الأمنية المتعلقة بالإرهاب، فإن هناك مشاكل أخرى ذات صبغة إجتماعية ».
وأشار إلى أنه ومنذ الأسبوع الأول وجدت الحكومة نفسها، في مواجهة احتجاجات شعبية واضرابات عمالية، وكذلك مشاكل طبيعية وهو ما جعل أداءها لا يرتقي إلى ما هو مطلوب، وإلى الانتصارات الكبيرة من حكومة شرعية جاءت بعد انتخابات ديمقراطية.
أمّا عن تأخر نسبة النمو، فيرى الصيد أنها مرتبطة بالوضع العام للبلاد، المتسم خاصة بارتفاع الحراك الاحتجاجي الذي نجم عنه تعطل إنتاج الفوسفات والبترول، إضافة إلى انهيار القطاع السياحي تحت وطأة ضربات الإرهاب، وهي كلها قطاعات اقتصادية هامة وحيوية، سواء من حيث القدرة التشغيلية، أو من حيث أنها توفر موارد مالية هامة بالعملة الأجنبية. ولعل هذا ما يفسر تراجع نسبة النمو خلال هذه السنة نحو 1 بالمائة، وفق تقديرات أولية.
المصدر: العربية