جريدة الإعلام الجديد في حوارحصري مع الدكتورة يسرا حسني عبد الخالق
فى علم العلاقات العامة نقول أن العلاقات العامة تعتمد التخطيط لنشاطها من أجل نجاحها، هل تعتقدين أن تطبيق الدبلوماسية الشعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، هو جزء من خطة إعلامية للتعريف باسرائيل؟
بالطبع الإجابة نعم، لأن الدبلوماسية الشعبية الإسرائيلية الجديدة تعتبر المدخل الأساسي لها هو تركيز العمل على الإعلام الحديث، من خلال استخدام وتوظيف كافة أشكال ووسائل الاتصال، للوصول إلى ترسيخ ما تريده داخل العقل الجمعى العربى، وهو أن تكون هذه الشعوب ليست ضد إسرائيل، وأن تقتنع بأن إسرائيل جزء من خريطة الشرق الأوسط، خصوصاً وأن هذه المواقع وفرت بيئة خصبة للتواصل والتفاعل، لتوصيل رسائل ذات أهداف محددة للتأثير فى الجمهور العربى، الذى كان من الصعب على إسرائيل الوصول إليه، لو لم تتوافر تلك الوسائل الجديدة، علاوة على التحكم فى المضمون الاتصالى المقدم دون رقابة أو تشويش.
الدبلوماسية الشعبية تجربة أمريكية تم اعتمادها فى السنوات العشر الأخيرة، فهل يوجد فرق بين تطبيقها بين الإسرائيلين والأمريكين؟
بداية الدبلوماسية الشعبية مفهومها واحد، وهي وسائل لتوسيع الحوار بين الشعوب وبعضها، وإقامة علاقات بين المجتمعات المختلفة، وفهم كل منها لثقافة الآخر، وماهية احتياجاته، وهى بالأساس تعتمد على بناء مشاعر إيجابية للدولة وتحسين صورتها لدى الجمهور المستهدف، وعند الحديث عن تجربة الدبلوماسية الأمريكية نجدها هي الأقدم فى الممارسة، إلا أن الجديد فى الدبلوماسية الإسرائيلية، هي اعتمادها على استراتيجيات جديدة ومتطورة؛ لأنها رأت أنها لم تستطيع شرح وجهة النظر الإسرائيلية للعالم، أوتبرير الأحداث وإزالة سوء الفهم والآراء المناهضة لإسرائيل، ومن ثم اعتمدت السياسات والإستراتيجيات الحديثة للدبلوماسية الشعبية الإسرائيلية على جهاز Hasbara وهو الجهاز المعنى بإدارة الدبلوماسية الشعبية الإسرائيلية، من خلال التعرف على نقاط الضعف والتى كان أبرزها عدم وجود إستراتيجية إعلامية موحدة بين الهيئات، وأن الجهاز لم يكن مهيأ بشكل جيد لمواجهة الأزمات والحالات الطارئة، وكذلك ندرة المتحدثين الرسميين الذين يجيدون اللغات العربية والروسية والتي تعد فى غاية الأهمية لأهداف الدبلوماسية الإسرائيلية.
إسرائيل …و كيفيةتعزيز صورتها في الوطن العربي والعالم
فى الزمن الماضى كانت هناك قنوات واذاعات موجهة، فهل ترين أن هذه المواقع أيضاً موجهة للعالم العربى كتدعيم وجود اسرائيل فى العالم الافتراضي وبناء صورتها؟
فى هذا الشأن انتهجت اسرائيل سياسة جديدة فى استثمارها لمفهوم ما يسمى تعزيز وتلميع صورة إسرائيل، ليس فقط للعالم العربى، وإنما حول العالم، حيث قررت وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 2010 زيادة ميزانية التسويق في موضوع تعزيز الصورة من 40 مليون شيكل إلى 100 مليون شيكل، والتي كانت قبل عام 2010 لا تتجاوز 10 مليون شيكل.
ويهدف ذلك المشروع إلى رسم نماذج وطرق جديدة في التسويق، ويركز على الإنترنت وبصفة خاصة على المواقع الاجتماعية، من خلال تبني إستراتيجية ” تغيير خصائص الاستهلاك”، والمعنية بتغيير تفاصيل عناصر الصورة السلبية المدركة عنها، من خلال إظهار النوايا الحسنة تجاه الشعوب العربية، وتقديم صورة ذهنية مثالية عن المجتمع الإسرائيلى تعتمد في الأساس على مجموعة عناصر تتمثل في إظهار الديمقراطية التى تتمتع بها إسرائيل، والعدالة الاجتماعية، والاهتمام بالمواطن وجميع مشاكله والعمل على حلها، علاوة على تطوير ضخم فى قنوات الاتصال مع العالم العربي والإسلامى، ومن الأمثلة البارزة على ذلك توجيه الناطقين والمتحدثيين الرسميين باللغة العربية فى قنوات الجزيرة، وروسيا اليوم، والعربية، وفرنسا 24، إلى التحدث بالعربية الفصحى، وتخصيص موقع على الانترنت باللغة الفارسية، وتطوير موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية، وزيادة كثافة التواجد على الشبكات الاجتماعية من “اليوتيوب” و”الفيس بوك”، و”تويتر”، و”فليكر”، مع تخصيص حسابات على تلك المواقع لكل الأجهزة الرسمية والسفارات والمتحدثين الرسميين، بالإضافة إلى الدبلوماسيين كأشخاص يشاركون بالتفاعل عبر حساباتهم وبلغة البلد، وأخيراً مواجهة حملات التشويه المناهضة لإسرائيل على الإعلام الرقمى، وذلك بتوظيف جهودها للرد والتعليق والمشاركة فى المسوح الاستقصائية، والتفاعل على الشبكة العنكبوتية ضد محاولات تشويه سمعة وصورة إسرائيل.
إذا اعتمدنا أسلوب تقييم النشاط، كيف تقيمين النشاط المقدم من قبل إسرائيل في هذه المواقع؟
بالطبع هو نشاط قوي ومخطط له بدقة، وله استراتيجية متعددة الأبعاد، وتكمن خطورته فى أدواته الجديدة والتى تستطيع بها الوصول إلى الجمهور المستهدف دون رقابة أو تشويش.
إذا أردنا تطبيق هذا الأسلوب فى العالم العربي، ما هي مقومات نجاحه من وجهة نظرك كمختصة؟
مقومات نجاحه تعتمد بالدرجة الأولى على توافر عنصرين رئيسيين: الأول تضافر الجهود العربية وإدراكها لضرورة إنشاء كيان عربي موحد يختص بالدبلوماسية الشعبية العربية، لشرح القضايا العربية، وتحسين صورة العالم العربي والإسلامي، وإزالة سوء الفهم، ولاسيما بعد التحديات التى يواجهها، وعلى رأسها التنظيمات والكيانات الإرهابية التى تقدم صورة مغايرة للإسلام، وتسويق نفسها للعالم كله على أنها كيانات إسلامية، الثاني: التخطيط لعمل هذا الجهاز ونشاطاته المختلفة ووضع استراتيجية طويلة المدى للأهداف العربية، علاوة على التنسيق الجيد لتحقيق الأهداف المنشودة.