وكالة الإتّصال الخارجي سابقا بين شيطنة الإعلام وتجنّي “الكتاب الأسود” والواقع المؤلم لأبنائها
الماكينة الإعلاميّة التي أعلنت الحرب الشّعواء على اتصاليي وإعلاميي “الوكالة” هي نفسها التي كانت تدعم سياسة نظام المخلوع وتلمّع صورته في الدّاخل والخارج، ثمّ عندما سحب من تحتها البساط وانكشف زيغها وعوراتها وتأليهها لرموز النظام المطاح به، استدارت سريعا موجّهة الأسلحة القذرة ذاتها في مواجهة المكلفين بالإعلام والإتصال الذين لم يكن لهم، لا قبلا ولا من بعد، حولا ولا قوّة سوى أنّهم دجّنوا وضغط عليهم ليكونوا حطبا في كلّ المحارق التي يتدفّا عليها هذا الطرف أو يشعلها الطرف الآخر متى أراد ويخمدها متى شاء.
أبناء “الوكالة” هم ليسوا سوى إعلاميّين واتصاليّين من ذوي الشّهائد العليا أغلبها في اختصاص “الصّحافة والإتصال”، كانوا، ولا يزالون ولم يبدّلوا تبديل، يعملون وفق مقاييس العمل الصحفي والإتصالي وأخلاقياته بأجور بخسة ووضعيّات “غير قانوني” ومؤسفة ومأساويّة، وكانوا يعملون مدفوعين بدواع وعوامل عديدة في مقدمتها البطالة القاهرة خاصّة في تخصّص “الصّحافة والإتصال” على اعتبار أنّ التّشغيل في القطاع كان يراعي العلاقات والمحسوبيّة والمحاباة، لذلك قبلوا العمل والإجتهاد برخص التّراب من أجل الإسترزاق بكرامة، وهذا هو الواقع، وهذه هي حقيقة الحقائق التي لم تبلّغ أو لم “يبلّغوه” للرأي العامّ. من استفاد من “وكالة الإتصال الخارجي” هم فئة قليلة توارت سريعا عن الأأنظار بعد أن هرب وليّ النعمة وكانوا في أكثر الأوقات “يعملون أعمالهم” خارج مكاتب الوكالة ولا صلة لهم بأهل الدار سوى توزيع بعض الإبتسامات الصفراء الباهتة إذا قدّر اللقاء بمناسبة أو دونها، هؤلاء الذين تركوا أهل البلاء في بلائهم واضمحلّوا وكأنّ شيئا لم يكن وبقي أبناء “الوكالة” يكابدون زيف الإتهامات والإفتراءات التي يطلقها متمعشون وكاذبون ومتملّقون لمن كان يمسك بزمام السّلطة.
لا لشيء إلاّ ليظلّ إعلاميّو واتصاليّو الوكالة خارج المعادلة، ويجزاون دائما “جزاء سنمّار” رغم أنّه لم تفعل لا أيديهم ولا أرجلهم. الرأي العام التونسي غالطه ذلك “الكتاب الأسود” فسوّد صورة إعلاميّي واتصاليّي وكالة الخارجي دون وجه حقّ بالنظر إلى أنّه بالغ في التجنّي على العاملين في الوكالة وأخذهم بجريرة نفر أو حتّى عشرة أنفار في مقابل اتهامات بجرائم وطنيّة كبيرة ألصقت بضعفاء الحال من المكلفين بالإعلام والإتصال هم إلى حدّ اليوم يستجدون اليوم من أجل تسوية وضعيّاتهم المهنيّة الهشّة.
هؤلاء القوم لم يتحدّث عنهم ذلك الكتاب المقيت التي أصاب صحفيي واتصاليي “الوكالة” في مقتل وهم المضامون المهمّشون في واقع الأحداث ومستجدّاتها. اليوم ينتظر صحفيّو واتصاليّو “وكالة الإتصال الخارجي” الذين يعملون كالعادة وبجدّ وجهد وتفاني المخلصين لبلادهم جنبا إلى جنب مع زملائهم الصحفيين والإعلاميين المنتمين لمصالح “الإدارة العامّة للإعلام”، ينتظرون تسوية وضعياتهم من ناحية الترسيم المؤجّل إلى حين للعديد منهم.
وآخرين لم يتمتعوا بترقياتهم منذ سنين خلت والبعض المتبقّي مهدورة طاقاتهم ومحالين على الهامش في ضوء تواصل غياب هيكلة واضحة ودقيقة للقطاع. ويبقى التذكير بضرورة أن تنفّذ الإتفاقيّات التي تمّ التعهّد بها والإتفاق بشأنها بعد سلسلة مشاورات كان جرت بين رئاسة الحكومة والنقابة العامة للإعلام تم بموجبها إمضاء اتفاق يقضي بتسوية الوضعيّات المهنيّة للعاملين بـ “الوكالة”، وذلك تنفيذا لجلسة عمل انعقدت 25 أوت 2014 بين السيد مستشار رئيس الحكومة المكلف بالإعلام والاتصال ووفد عن الإتحاد العام التونسي للشغل ممثلا في النقابة العامة للإعلام والنقابة الأساسية لأعوان وكالة الإيصال الخارجي سابقا.
وهذا نزر قليل وفيض من غيض الواقع المؤلم والوضعيّة المزرية لإعلاميي واتصاليي وكالة الإتصال الخارجي المنحلّة.