مجموعة شعرية بعنوان” جنة دوبة” للشاعر منير البولاهمي
وتتضمّن هذه المجموعة عددا من القصائد الشّعريّة العموديّة والحرّة تتخلّلها مجموعة من الصّور بريشة الفنّانة حدّة العيّادي الّتي استلهمتها من القصائد بعد قراءتها ليتناول هذا الاصدار الجديد علاقة الشّاعر منير البولاهمي بالمدينة الّتي ينتمي إليها والتي يعتيبرها جنّة حقيقيّة ويعتبرنفسه فيها ذلك العاشق الأسطوريّ “دوبة” .
فجندوبة إذن هي في نظره ” جنّة دوبة” وهو الاسم الجديد الّذي يريد أن تتسمّى به مدينته جندوبة ولهذا السّبب أصرّ الشّاعر منير البولاهمي على عنونة مجموعته الشّعريّة بهذا العنوان لتكون قصّة عشق إذن بينه وبين مدينته جندوبة الّتي نشأ فيها وترعرع وتجوّل في مختلف ربوعها الجميلة بين الغابات والسّهول والبساتين والمنابع الرقراقة والبحر بين عين البيّة وفرنانة وعين دراهم وبوسالم وغار الدماء ووادي مليز وطبرقة وشمتو وبلاّريجيا لتحتل كلّ هذه الرّبوع بأسرارها السّاحرة في قلب هذا الشّاعر مكانة كبرى وعشق أكبر لنجده يقسّم هذه المجموعة إلى أربعة أقسام حيث جاء القسم الأوّل بعنوان ” جنة دوبة ” وجاء القسم الثّاني بعنوان ” جنّة الهوى” .
وجاء القسم الثّالث بعنوان ” الجنّة الخضراء” وجاء القسم الرّابع بعنوان” جنّة العربان” وهكذا يصبح عشق الشّاعر لمدينته جندوبة رمزا لعشقه لبلده تونس ولوطنه العربيّ فيجعل من “جنّة دوبة “رمزا للوطن العربيّ يختزل فيه كلّ معاني الانتماء إلى هذا الوطن مبلغا بذلك رسالة إلى كلّ النّاس علّهم ينتبهوا إلى أنّ جندوبة هي جزء من تونس ومن الوطن العربي فيكفيها تهميشا ويكفيها لامبالاة فهي تستحقّ أن تعامل كجنّة أرضيّة .
وهذه المواقف ليست غريبة عن منير البولاهمي الشّاعر والأستاذ والإنسان والذي يقول عنه مقدّم هذه المجموعة الدكتور محمد التّومي “إنه من شعراء التسعينات وكان متأثّرا في بداياته بالشّاعر أبي القاسم الشّابّي ويعود الفضل في إقباله على نظم الشّعر في البداية إلى جدّه لأمّه الحاج الأخضر بن الضيف البولاهمي خرّيج جامع الزّيتونة ومؤدّب القرية ثمّ إلى معلّمه في الابتدائي عزالدين البولاهمي وإلى أستاذه في الثّانوي عبد المجيد بني عمر وإلى أستاذه في الجامعة الدكتور كمال عمران إضافة إلى تأثره بتجارب أصدقائه من الشّعراء في الجامعة مثل الشّاعر محمد التّومي والشّاعر السيّد التّابعي والدّكتور مراد الضّويوي وغيرهم كثير” .
من هذه المجموعة اخترنا نصا بعنوان” هي ذي جنانك” يقول فيه الشاعر منير البولاهمي:
هي ذي جنانك يا ابن تُرْبتنا فانعم بها في غمرة الأشواق واذكر بها شمتو وبلاّريجيا وافخر بمجدهما التّليد الباقي لك أن تغنّيَ قائلا في نخوة : حُيّيت يا محبوبة العشّاق يا متعة الأنظار والأحدا ق يا ملتقى الأحباب والعشّاق يا هل حباك اللّه بالإبراق والخصب والأنوار والإيراق لك عشقنا يا جنّة خضراءَ يا بهجة ، يا روضة زهراءَ لك في القلوب مكانة الأمراءِ يا موطن الأطيار والشّعراءِ لك في طبرقة كلّ شَيء باق بحر جميل رائع الأنساق لك ألف عين عذبة الإغداقِ ولك المنابع كالسّنا البرّاق عين دراهم لؤلؤ وزبرجد وجبالها للأرض كالأطواق فرنانة الأجداد دوما ظلّها يمتدّ في الأرجاء والآفاق غار الدّماء بسهلها وبغابها تغري الحنين بمهجة المشتاق وادي مليز بسحرها تَسْبِي الوَرَى وبطيرها وبمائها الرّقراق ولك الحقول بجنّة بوسالم رمز الخصوبة في ذرى الأسواق هي ذي جنانك يا ابن تُرْبتنا فانعم بها في غمرة الأشواق.