لن يتطوّر “الإعلام الرّسمي “..أبدا؟؟… إلابهويّة للإتّصاليين
أمّا عندما يعلن رئيس حكومة دون تحفّظ وعلى الملأ عن اعتلال اتصال دولة فإنّ ذلك يطرح جملة من الإستفهامات العريضة حول الدوافع الكامنة وراء تعطيل الشّروع في عمليّة إصلاح القطاع وهيكلته بما يستجيب لمقتضيات الظرف الحالي والمرحلة المستقبليّة التي تتطلب النهوض بالإعلام الرسمي بالنظر ارتباطه المرتبط عضويّا بكلّ سياسات البلد التنمويّة والإقتصاديّة والسياسيّة والمجتمعيّة، فنجاح مخططات الدولة خماسيّة كانت أو عشريّة أو حتّى السنويّة نجاحها مرهون بمستوى هذا “الإعلام” وما يحتكم عيه العاملون فيه من مهارات وكفاءة.
من الأولويّات القصوى ضبط “هويّة” للإتّصاليين يجمع الخبراء والأكاديميّون ومسؤولون سابقون في مجال الإعلام والإتّصال، أنّه من الضّروري أن تتحرّك الدّولة ممثلة بالخصوص في رئاسة الحكومة وتبادر في أقرب الآجال باتخاذ القرارات والتدابير اللاّزمة قصد تحديد الهويّة المهنيّة للعاملين في وظائف الإعلام والإتّصال في كلّ مؤسساتها الرّاجعة لها بالنظر وأيضا في مختلف الوزارات والهياكل والمنشآت الرسميّة، وذلك بعد استثناء المهنيين من “بطاقة صحفي محترف” وفق الشروط الواردة في الفصلين (7 و 8) من المرسوم عدد ( 115 )، والتي كانت تشمل أصحاب الوظائف الإعلاميّة والإتّصاليّة المنضوين صلب السّلك المشترك للصحفيين العاملين بالوظيفة العموميّة يضمن، وبالتالي الحاجة الملحّة للتفاعل مع هذه المستجدّات بشكل يليق بـ”صحفيي الدولة” و”فرزهم” عن الصّحفيين عبر الأخذ في الإعتبار كونهم يتقلّدون وظائف ومهامّ خصوصيّة أقرب إلى العمل الإتّصالي منها إلى الصّحفي وتوفير المناخات وتسخير الآليات والإستجابة للمطالب الأساسيّة التي تحفّزهم على العمل والبذل وتقديم الإضافة المنتظرة.
وفي ردّة فعل من القطاعيين، بدأت وتيرة الحراك النّقابي والجمعيّاتي في مجال الإتّصال الحكومي تتصاعد.
حيث رفض النّاشطون النقابيّون وصلب الجمعيّات ذات العلاقة وفئة واسعة من الإتّصاليين والملحقين الصحفيين قرار اللّجنة المكلفة بإسناد البطاقة واعتبروه جائرا في حقّهم على اعتبار خصوصيّة عملهم الإعلامي اليومي، وهو ما حدى بـ “النقابة الوطنيّة للمكلفين بالإعلام والإتصال العمومي” إلى تقديم “عريضة طعن” في القرار في منتصف شهر ماي 2015 إلى الوكيل العام لمحكمة الإستئناف بتونس، يبدو من خلال الأخبار المتواترة أنّها لم تأت أكلها ولم تحقّق المرغوب.
ولكن يبدو من خلال الأخبار التي رشحت في الآونة الأخيرة، أنّ هناك تقاربا في الآراء بين النّقابة الممثلة للقطاع وبين الجهات الرسميّة المعنيّة سيتمّ بمقتضاها في مرحلة مبدئيّة ضبط الهويّة الشغليّة للمكلفين بالإعلام والإتصال الرسمي والملحقين الصحفيين وإسنادهم بطاقة مهنيّة خاصّة من المزمع أن يحمل المنتفع بها صفة “اتصالي حكومي”، وهي “بطاقة” إن أسندت فإنّها ستفضّ إشكالات كبيرة قائمة منذ عقود حول الصفة الصحفيّة للإعلاميين والإتصاليين بالمؤسسات الرسميّة ، باعتبار الجدل المثار والتباين في المواقف بين من يؤكّد هذه الصّفة على المهنيين وبين من ينفيها عنهم كونهم يمثلون في نهاية المطاف الجهاز الحاكم أيّا كان لون السلطة القائمة.
وتفيد الأنباء الرّائجة أنّ البطاقة لن تقتصر فقط على الإعلاميين والإتصاليين التابعين لمصالح رئاسة الحكومة وإنّما ستعمّم على جميع المشتغلين بمكاتب الإعلام على اختلاف بغضّ الطرف عن التصنيفات والرّتب، والذين تتوفّر فيهم شروط الإنتفاع بالبطاقة التي قيل إنّها ستعوّض “بطاقة الصحافة”، وستمكّن بدورها من تيسير عمل الإتّصاليين وتسهيل تنقلاتهم وعملهم الإتصالي خلال مرافقتهم للمسؤولين أثناء أداء أنشطتهم وتحرّكاتهم، ومنها أنّ بطاقة “اتصالي حكومي” من امتيازاتها أيضا التنقل عبر وسائل النقل العمومي بالتعريفة المنخفضة. كما تروج أخبار تقترب شيئا فشيئا من التّأكيد على أنّ هناك توجّها رسميّا للإستجابة للمطلب النقابي المتعلّق بتفعيل “منحة الصحافة”، والتي يمكن استبدال تسميتها بـ “منحة الإتصال” وذلك بتعميمها على كافّة القطاعيين ذوي العلاقة، بعد أن كانت تشمل نسبى قليلة منهم وتفعيل القيمة الماليّة المنصوص عليها ضمن أمر صادر سنة 2002 والمقدّرة بـ 50 دينارا، والتي لا يتقاضى المنتفعون بها حاليّا سوى 35 دينارا وذلك خلافا للإعلاميين المشتغلين بالمؤسسات الإعلاميّة ذات الصبغة العموميّة حيث تبلغ قيمة “منحة الصحافة” 80 دينارا.