صورة العراق في مقالات الصحافة الأمريكية بعد عام 2003
لقد تم التركيز في هذا الكتاب على تأثير الصورة بسبب تكوينها التقني وبلاغتها التكنولوجية، وإشباعها بالألوان والمؤثرات، بحيث تستفز أحاسيس المشاهد البصرية وتستحوذ عليه .
وتكتسب الصورة أهمية في مجال العلاقة بين الأمم والشعوب إذ أنها جزءاً من الصورة الذهنية التي تتكون لدى الشعوب بعضها عن البعض الآخر ، والتي تنطبع في عقول صانعي القرارات بمختلف مجالاتها تقوم بدور مهم في التأثير على طبيعة واتجاهات تلك العلاقات .
من هذا المنطلق فقد عنيت الدراسات المتخصصة في مجال السياسة والإعلام الدولي بمفهوم الصورة وتحليل أبعادها وإبراز آثارها السلبية والإيجابية وإبراز الدور الفاعل لوسائل الإعلام في تكوينها .
بدأ الاهتمام بتقديم صورة ذهنية سلبية للعراق في الصحافة الأمريكية بالتحديد في اليوم العاشر لتولي جورج بوش الابن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث جمع أعضاء مجلس الأمن القومي لأول مرة في البيت الأبيض وكان ذلك في 30 كانون الثاني 2001 أي قبل أحداث أيلول بثمانية أشهر.
وقد اهتمت الصحافة الأمريكية ومنها صحيفة الواشنطن بوست بنشر تفاصيل ذلك الاجتماع وبالذات حديث كونداليزارايس مستشارة الأمن القومي في ذلك الوقت عن العراق وما يمثله من تهديد لإستقرار الشرق الأوسط في نظر رايس ،كما اهتمت الصحافة الأمريكية بإبراز ان العراق هو مفتاح لإجراء تغيرات كاملة في المنطقة العربية.
كما تم التركيز أيضا على المعلومات التي قدمها جورج تينت مدير وكالة الاستخبارات المركزية في ذلك الوقت حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وما يمكن أن يمثله ذلك من خطر علي الأمن القومي الأمريكي وأمن إسرائيل.
ولقد كشفت كذلك الصحافة الأمريكية ماصرح به أونيل الوزير في حكومة بوش في ذلك الوقت أسرار الإعداد لغزو العراق في ذلك الوقت المبكر وبعد تولي الرئيس جورج بوش الرئاسة مباشرة وقبل حدوث تفجيرات مركز التجارة العالمي بمدة طويلة .
وبعد أحداث 11 أيلول 2001 أخذت الصحافة الأمريكية على عاتقها ترويج عبارات سلبية تتعلق بالصورة الذهنية للعراق التي كانت تريد تعميم نموذج لكي يكرهه الشعب الأمريكي متمثل بصياغة عبارة (محور الشر).
كما نقلت صحيفة الواشنطن بوست ولأول مرة عن الرئيس بوش عبارة محور الشر في خطابه إلى الأمة في 29 كانون الثاني عام 2002 وتحول ذلك الشعار بعد ذلك إلى عناوين ومانشيتات للصحف في كل دول العالم.
حيث بدأت الحرب الامريكية على العراق عام 2003 بكونها حرب صنعها إعلام الصورة، وأنهاها إعلام الصورة؛ إذ يتبيّن لمتابع أخبار هذه الحرب في شبكات الأخبار العالمية، ومن بينها الصحافة الامريكية قبيـل تلك الحرب، وأثناء وقوعها، وبعد توقفها بأسبـوع، وجود طوفان من الصور الإخبارية تفيض بالتخويف وتطفح بالذعر.
فالحرب بدأت بالصورة وانتهت بالصورة، بدأت بصورة للرئيس صدام حسين آنذاك الذي تم تصويره للمشاهدين بأنه (دكتاتور)، و(متمرد) على القانون الدولي والشرعية الدولية، ويهدد أمن العالم بسبب امتلاكه لأسلحة (الدمار الشامل)، وتصنيعه لهاوانتهت الحرب بالصورة: صورة لتحطيم النصب التذكاري لصدام حسين الموجود في إحدى الساحات العامة في مدينة بغداد، حيث تم تصوير بعض العراقيين وهم يطيحون بهذا النصب، وينكلون به، ويشبعونه ضرباً بالأحذية.
واقتضت الضرورة وحسب ما توفر من معلومات تقسيم هذا الكتاب إلى أربعة فصول ومقدمة وخاتمة ، إذ تناول الفصل الأول منها الإطار المنهجي للبحث من حيث أهمية البحث،أهداف البحث،منهج البحث،مجتمع البحث،أدوات التحليل،تحديد وحدة وفئة التحليل،تحديد وحدة السياق،بناء التصنيف،إجراءات الصدق والثبات، الدراسات السابقة،تعريف أهم المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في البحث، كذلك جرى في هذا الفصل شرح واف للخطوات المنهجية التي اعتمدتها هذا البحث .
أما الفصل الثاني فقد تناول المؤلف فيه الأسس النظرية للمقال الصحفي وكان ذلك من خلال ثلاثة مباحث تناول المبحث الأول نشأة المقال الصحفي وتطوره وضم المبحث الثاني : أنواع المقال الصحفي ووظائفه ، فيما ضم المبحث الثالث : نشأة وتطور المقال السياسي التحليلي في الصحافة الأمريكية .
وقد تناول الفصل الثالث دور وسائل الإعلام في تكوين الصور الذهنية في عقل الجمهور ، وقد تم التركيز على ذلك من خلال ثلاثة مباحث تناول المبحث الأول : مفهوم الصورة الذهنية .
أما المبحث الثاني فقد تضمن موضوع تطور الصورة الذهنية في عقل الجمهور . وقد ضم المبحث الثالث وسائل الإعلام وتكوين الصور الذهنية .
أما الفصل الرابع من هذا الكتاب فقد تضمن تحليل مضمون الصورة الذهنية للعراق لدى الكتاب الأمريكيين في صحيفة نيويورك تايمز وقد تم التركيز على ذلك من خلال ثلاثة مباحث تناول المبحث الأول المفاهيم والإجراءات المنهجية في تحليل المضمون .
اما المبحث الثاني فتضمن تحليل مضمون المقالات السياسية المتعلقة بالعراق في صحيفة نيويورك تايمز ونتائجه وضم المبحث الثالث تفسير نتائج التحليل .
وفي خاتمة الكتاب تناول المؤلف أهم الاستنتاجات التي توصل إليها والتي لها علاقة مباشرة بصورة العراق في الصحافة الأمريكية فضلاً عن اهتمامه بتقديم توصيات يعتقد إنها مهمة في مجال معالجة الصورة السلبية للعراق في الصحافة الأمريكية بعدما كشفت نتائج الدراسة التحليلية أهم أسباب تلك الصورة السلبية .
ولقد اتبع المؤلف في الوصول إلى النتائج المنهج الوصفي وأسلوب تحليل المضمون باعتباره انسب المناهج والأساليب وأقربها لتحقيق أهداف البحث ،حيث شكلت المقالات السياسية للكتاب الأمريكيين مصدراً أساسياً من المصادر التي اعتمد عليها البحث بعد أن تم الاعتماد على احد المترجمين المتخصصين باللغة الإنكليزية ، وعلى الرغم من إن حجم المقالات لم يكن كبيراً، إلا أن مهمة الترجمة كانت عملية شاقة أخذت من المؤلف وقتاً كبيراً ومع ذلك كانت عملية مهمة إذ أنها كانت الأساس الذي اعتمد عليه البحث .