تجليات العنف الإخباري في الإعلام العربي
فالعرب ليسوا الوحيدين عرضةً لهذا النوع من العنف، بل ربما هم الأكثر تعرضاَ له بشكل مباشر، ففي الغالب تنقل الفضائيات العربية صور هذا العنف من إحدى الدول العربية، وهذه الصور ذات صلة بالقضايا العربية.
ونأخذ في الإعتبار أن ما يعرفه الشباب عن السياسة يصل أغلبه إليهم عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية، ففي إستطاعة الإعلام أن يوصل المعرفة والمثل العليا والقيم الخاصة بتشكيل الإرادة إلى الشباب، ويسهل عليهم بذلك المشاركة في العملية السياسية والتأثير على اتجاهها، والمشكلة هنا ليست المدخل إلى المعرفة وإنما تصنيف وتفسير الكم الهائل من المعلومات الموجودة وتحويلها إلى منظومة من الأفكار الواقعية ذات معنى.
ومن الملاحظ أن القنوات الفضائية العربية تركز على عرض الأخبار ذات طابع العنف. وان عرض وتكرار عرض صور العنف قد يُولد لدى المشاهد العربي شعوراً باللامبالاة تجاه قضاياه العربية نتاجاً لتعود عقل (عين) المشاهد العربي على مشاهدة صور العنف، وقد لا تحرك بداخله مشاعر الغضب تجاه ما يحدث من ظلم وقهر ولا تدفعه إلى التآزر والتعاضد مع إخوته العرب، أو تحفز وتقوي الشعور والانتماء القومي وتدفع لِلمِّ الشمل وتوحيد الجهود والتآخي والتعاضد، أو تحدث النقطتين السابقتين بنسب متفاوتة في آن واحد لدى فئتين من المتلقين، وقد (لا تؤدي إلى أي تأثير).
تعتبرالفضائيات العربية المصدر الرئيس للأخبار لدى الشاهد العربي، حيث أظهرت إحصائية في هذا الجانب أن نسبة 73% من المشاهدين العرب يعتمدون على الفضائيات كمصدر للأخبار، وهذه النسبة كبيرة إذا ما قُورنت بمصادر الأخبار الأخرى كالصحف والمجلات والإذاعة المسموعة.
والصورة تعد من بين أهم مكونات أغلب الرسائل الإعلامية الأساسية المرسلة عبر الفضائيات- باستثناء المسموعة- التي تعطي مصداقية للخبر وتجعله أكثر جاذبية وإثارة، ويعزز القائم بالاتصال هذه الصور بالبيانات والإحصائيات المفسرة والشارحة لموضوع الرسالة.
ولاحظ الباحث أن أكثر الصور الإخبارية المنقولة عبر القنوات الفضائية العربية وخاصة الإخبارية منها والتي تنقل الأخبار وتقدم التقارير والبرامج الإخبارية عربياً وعالميا تركز على نقل الأخبار العربية_ كونها ذات صلة وثيقة بالمتلقي العربي بالدرجة الأولى.
ومن هنا جاء كتاب تجليات العنف الاخباري في الإعلام العربي للمؤلفة د. بشرى حسين الحمداني التدريسية في كلية الاعلام قسم الصحافة الجامعة العراقية في بغداد فهو يسلط الضوء حول مدى تأثير التعرض للعنف الإخباري على المشاهد العربي وخاصة في ظل انتشار القنوات الفضائية بشكل مطرد مع نهاية العقد الأخير من القرن العشرين حسبما أشارت إليه بعض المراجع والدراسات الاستطلاعية التي أُجريت حول هذا الموضوع .
وضم الفصل الاول من الكتاب مواضيع مقياس العنف ، الفرق بين العنف الفرق بين العنف والعصاب النفسي ، الفرق بين العنف والعدوان ، بدايات العنف الاعلامي ، العنف والإعلام العربي ، بيئات العنف ، تاريخ العنف الاخباري ، العنف مادة إعلامية عوامل تفاقم العنف .
فيما تضمن الفصل الثاني دور وسائل الاعلام في نشر العنف وأشتمل على وسائل الاعلام … المعرفة والإدراك ، نظريات العنف الاعلامي ، نشر العنف، العنف في وسائل الإعلام، العنف المتلفز، دور وسائل الاعلام في نشر العنف، الوقاية من الجريمة والانحراف ، الاعلام والعنف والجريمة، التنشئة الاجتماعية ، الوعي الامني، دور الاذاعة والتلفزيون في التصدي لثقافة العنف ، ثقافة الخوف والقلق، العدوانية والعدوانية الشخصية ، التصدي لثقافة العنف الاعلامي ، تفاصيل الجرائم بالاعلام، التصدي لثقافة العنف الاعلامي .
وتعددت المواضيع في الفصل الثالث:
أنواع العنف ، العنف الديني ، العنف جنسي، جرائم الاغتصاب ، العنف الاخباري، العنف اللفظي ، مظاهر العنف اللفظي ، مقاومة العنف اللفظي ، العنف الترفيهي ، انواع العنف ضد الاطفال ، العنف عند الشباب ، الجامعة نموذج مصغر للعنف ، العنف عند المرأة .
أما الفصل الرابع جاء بعنوان تضمن موضوع فضائيات العنف ، تلفزة العنف الفضائي ، افلام الرسوم المتحركة ، الترفيه وافلام الجريمة ، ظاهرة افلام الرعب ، بدايات الرعب السينمائي ، القناة الفضائية جهاز اخباري ، الشبكات الاخبارية وجرثومة العنف ، اشكال المواد الاخبارية ، الربيع العربي والاعلام المعنف .
ولقد كان الفصل الخامس والأخير بعنوان خطاب الكراهية في الاعلام العربي، جذور خطاب الكراهية في الاعلام العربي ، خطاب الكراهية في اعلام الربيع العربي ، فشل الاعلام في امتحان المصداقية ، غياب المعايير الاخلاقية والضوابط المهنية ، خطاب الكراهية على شبكة الانترنت ، الفضائيات الطائفية .
وأستخلص الكتاب الى إن الوعي بأخطار العنف على المستويين الشعبي والحكومي ضروري، فالجماهير الواعية تحترم القوانين ويتجنبون اللجوء إلى العنف لحل مشاكلهم وصناع القرار يتخذون الإجراءات اللازمة لردع ظاهرة العنف.