الندوة الدولية حول المجتمع المدني والانتقال الديمقراطي بالحمامات
وتهدف هذه الندوة الى تعميق الحوار والنقاش حول دور المجتمع المدني في عدد من الدول العربية في ديناميكية الانتقال الديمقراطي التي تشهدها هذه البلدان وإسهامه (المجتمع المدني) فى كسر الطوق والحصار الذي فرضته الاحزاب التقليدية على الحياة السياسية والدفع نحو إعادة تشكيل واقع سياسي جديد يأخذبعين الاعتبار جملة المتغيرات السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية التي تتشكل في هذه البلدان.
وتطرح هذه الندوة العلمية جملة من الأسئلة التي بالإجابة عنها يمكن الحديث عن فتح منفذ هام لفهم جملة التحولات الاجتماعية التي تمر بها مجتمعاتنا العربية. وهو ما يفترض، منهجيا، مقاربات متعددة الاختصاصات تتخذ من المجتمع المدني والانتقال الديمقراطي موضوعا للدراسة الميدانية والبحث والتحليل.
وفى كلمة بالمناسبة اشار الدكتور مهدي مبروك مدير المركز فرع تونس الى ان التحولات الديمقراطية الجارية في عدد من البلدان العربية اتاحت لنا فرصة ثمينة لمساءلة المجتمع المدني وإعادة اكتشافه والتعرف على فاعلين جدد وفدوا إليه من مسالك ومسارات مختلفة موضحا انه رغم الاختلاف حول تعريف المجتمع المدني وتقييم منزلته و أداءه وتباين وجهات النظر حول وظائقه و ادواره و المناهج التي يتبناها و مدى انسجامها مع مقتضيات التحول الديموقراطي،فقد تمكن (المجتمع المدني) من ابتكار أشكال مستحدثة من الاحتجاج والضغط والمشاركة في صناعة القرار السياسي إلى حد انه فرض خياراته في أكثر من حالة على المجتمع السياسي
واضاف ان النخبة العلمية وصناع القرارفي حاجة اليوم إلى تحديد تحولات المجتمع المدني وخصوصياته وديناميته الدلالية في علاقته بالتحولات التي تشهدها البلدان العربية خاصة إذا اعتبرناه ركنا محوريا سيحدد مصائر الانتقال الديمقراطي مؤكدا على انه من دواعي تجديد البحث في دور المجتمع المدني وإشكاليات استعماله وقدراته الإجرائية هو تجاوزثنائية المجتمع المدني /الدولة.
وبين ان انفتاح المجتمع المدني في السنوات الاخيرة على مسائل مفهومية متفرعة عنه كالفضاء العام والرأي العام والحوكمة ودولة القانون وقضايا الفساد والرقابة وإدارة الصراعات ونشأة مجموعات الضغط وأشكال جديدة للفعل المواطني. ادى الى بروز صعوبات في ضبط أدوار المجتمع المدني ووظائفه خصوصا مع أزمة تكلس الخيال السياسي لدى بعض النخب وكيفية انخراطه في وظائف ثقافية واجتماعية وتنموية جديدة، وهذا الأمر يبدو وكأنه “افتكاك” للوظائف التقليدية للدولة أو تقليص منها لمصلحة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية ولوبيات المصالح المتنفذة .
فهذه المنظمات بصدد فرض نفسها كفاعل سياسي شرعي، يؤثر حتى في السياسات العمومية وله قدرات تعبوية هائلة وشبكات تضامن معولمة، خاصة أثناء إدارة الانتقال السياسي وترسيخ مقتضيات الانتقال الديمقراطي..
وفى مداخلة بعنوان “مفهوم المجتمع المدني بين الاستخدام الوصفي والاستخدام المعياري النقدي” بحث الاستاذ منير الكشو في تطور مفهوم المجتمع المدني على امتداد الحقبات التاريخية والحضارية المختلفة فأشار الى تنامي استخدام عبارة “المجتمع المدني” في الخطاب العمومي وتطور دوره في ادارة الشأن العام الى درجة انه فرض نفسه كشريك فعلي واساسي للمجتمع السياسي.
وبين ان تنامي هذا الدور يعكس وجود نوع من التخبط في المجتمع السياسي وهو ما مهد الطريق للمجتمع المدني لتعزيزه موقعه في المشهد العام ومقارعة الدولة وفرض مشروعية التعامل معه مشددا بالمناسبة على اهمية التعامل مع المنضمات المدنية بروح نقدية.
وبين ان مفهوم المجتمع المدني في العصر الحديث لم يسلم من التباين والاختلاف بين من يعتبره فاعلا خصوصيا لايرتبط بوصاية الدولة الا في ما يتعلق بإنفاذ القانون وبين من يختزله في انه امتداد لمفهوم قديم يعتبره كيانا يدافع عن مصالح فردية وذاتية مشيرا الى ان المقاربة الليبرالية الكلاسيكية ترى فيه انه نظام تلقائي قادر على التطور دون حاجة للدولة.
وفى مداخلة تحت عنوان “”مفهوم المجتمع المدني في عصر العولمة ممقاربةابستيمو- نظرية ” حلل الباحث الجزائري بلقاسم بن ضيف الله مفهوم المجتمع المدني متسائلا عن ماهية المجتمع المدني، وما ابرز الفلسفات الحديثة والمعاصرة التي بحثت في مفهوم المجتمع المدني وما هو موقعه في عصر العولمة.
وقال :”ان “المجتمع المدني ظاهرة اجتماعية غربية بامتياز ارتبطت بظهور الدولة القومية الحديثة وبروز فلسفة العقد الاجتماعي على انقاض فلسفة الاقطاع التي سادت أوروبا خلال القرون الوسطى وساهمت في دحض مشروعية السلطة المطلقة التي كانت تستند عليها الكنيسة بدعوى الحق الالاهي في إدارة شؤون المجتمع الأوروبي خلال مرحلة الاقطاع لتفسح المجال لبروز مجتمعات حديثة قائمة على قاعدة الحقوق الفردية وسيادة القانون ومن ثم ظهر المجتمع المدني كوسيط تنظيمي و لمراقبة عمل السلطة .”
الباحث الليبي حسين سالم مرجين اشار في مداخلة بعنوان “افاق سوسيولوجية على متن مؤسسات المجتمع المدني” الى انه بعد انهيار هياكل النظام السابق سنة 2011 بلغ عدد مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني 4000 مؤسسة تنشط في مجالات متنوعة ولاحظ ان هذه المؤسسات لعبت دورا كبيرا في اخماد العديد من النزاعات القبلية ولكن بعد انقسامات سنة 2014 اصبح مستوى التضامن في هذه المؤسسات ضعيفا جدا و أصبحت تحتاج الى خطط لمواجهة التحديات والى تبني رؤية جديدة لدورها.
ورأى الباحث المصري هاني خميس عبدة في مداخلة بعنوان “المجتمع المدني والعدالة الانتقالية في مراحل التحول الديمقراطي بين السياق والادوار رؤى نظرية وتجارب عملية” ضرورة النظر الى الدور التعاوني بين الدولة والمجتمع المدني اذ لا يستطيع المجتمع المدني ان يقوم بمفرده بالعمل على تطبيق العدالة الانتقالية دون وجود إرادة سياسية من جانب الدولة ومؤسساتها التي تدعم آليات العدالة الانتقالية داخل المجتمعات الإنسانية في مراحل التحول الديمقراطي .