تحقيقات

الهجرة غير النظامية:قصص ومآسي والإصرار على الهروب نحو المجهول

طارق بن علي عمره 34 سنة اصيل ولاية القيروان روي لنا مغامرات وتجاربه الأربعة في عملية “الحرقة” التي انطلقت من سواحل ليبيا سنة 2007 بعد أن عان حوالي 7 أشهر بطرابلس يترقب الفرصة داخل سجنا صغيرا صحبة المئات الآخرين خوفا من عيون الأمن إلا أن ركب سفينة غير آمنة ومعه اكثر من 400 شخص من مختلف الدول فتعطبت السفينة تحت الظلام وبين الأمواج ليجد نفسه بمركز اللجوء بمالطا ثم هرب نحو إيطاليا برفقة جزائري.

طارق يواصل حديثه بصعوبة لأنه تذكر بعض الذكريات الجميلة عند إقامته بمحافظة “بيزا” لفترة دامت أكثر من 7 سنوات الا أن تم ترحيله لتونس نظرا لعدم حصوله على الإقامة فكانت صدمة بالنسبة له ولم يرضخ إلى العيش في بلده فحاول 4 مرات أخرى عبر السواحل التونسية مثل قرقنة والمهدية وبنزرت ولم يحالفه الحظ الوصول إلى ايطاليا.

طارق عبر عن إصراره بكل ثقة عن مزيد المحاولة من أجل الرجوع لبلاد الغربة نظرا لعدم توفر أدنى مقومات العيش الكريم والبطالة مع انعدام الأمل في تونس حسب قوله.

أما علي وهو أب لستة أطفال منهم طالبة فقد عبر بكل ألم عن الظروف المعيشية الصعبة وتدهور الحالة الإقتصادية والإجتماعية مؤكدا أنه بصدد المحاولة من أجل المشاركة في الهجرة غير النظامية نتيجة فقدانه للآمال ببلده ثم قال بنبرة حادة لا يهمني في مخاطر البحر ولازم نغامر.

طارق وعلي هما عينة من الآلاف من الشباب الذين يحلمون بالحرقة وفكرة الهجرة غير النظامية لا تزال تراود اذهان الشباب وزادت أكثر رغبة حتى لدى النساء والكهول والأطفال غير مبالين للمخاطر سواء كانت أخطار البحر أو القوانين والتشريعات أو ارتفاع كلفتها المادية فكلها عوامل لم تثنيهم عن المغادرة وإعادة المحاولة ولو مرارا وتكرارا في حالة الفشل مثل طارق وغيره.

انسداد الأفق والإقصاء والتهميش إلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كلها عوامل تساهم في الهجرة نحو المجهول في ظل المخاطر والماسي.

يذكر أن حسب الاحصائيات التي قامت بها المنظمة الدولية للهجرة، بلغ عدد الأشخاص الوافدين الى أوروبا بطرق غير نظامية 2700 تونسي خلال الفترة الممتدة بين جانفي وسبتمبر 2017، وصل 1400 شخصا منهم في شهر سبتمبر 2017 .

وهو ما يوضح ارتفاع نسق هذا النوع من الهجرة بشكل كبير مقارنة بالسنتين السابقتين قدر ب 2.25 بين سنة 2016 والتسع أشهر الأولى من سنة 2017.

وتعتبر ارقام مفزعة وتتطلب دراسة شاملة لمعالجة هذه الظاهرة لاستغلال الموارد البشرية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق