إدارة الملكية العقارية :الصعوبات المطروحةحول تطبيق أحكام الفصل 45 من قانون المالية لسنة 2019 من حيث الضمانات عند التحرير والترسيم لغياب الإجراءات
وتتمثل هذه الخدمات في التعريف بإمضاءات الأطراف لدى السلط البلدية المختصة، تسجيل تلك العقود بالقباضات المالية، ترسيم عمليات التفويت المذكورة لدى المصالح والمؤسسات العمومية المختصة، إلى جانب إجراء تحجير تحرير تلك العقود من طرف عدول الإشهاد.
وتعد إدارة الملكية العقارية كمؤسسة عمومية، طرف متداخل ومعني بهذا الإجراء الذي جاء به المشرع صلب الفصل 45 من قانون المالية لسنة 2019 وذلك بحكم وظيفة التحرير في العقارات المرسمة التي أحدث في شأنها رسم عقاري ووظيفة الترسيم وهما وظيفتان يندرجان ضمن مهام إدارة الملكية العقارية. إلى جانب وظيفتها الإشهارية ووظيفتها في حفظ الوثائق .
ولئن إقتصر تحجير التحرير بصريح العبارة بالنص على عدول الإشهاد، ما من شأنه أن يفتح باب التأويل والمجال لإستثناء الجهات الأخرى المختصة بالتحرير على معنى أحكام الفصل 377 مكرر(جديد) من مجلة الحقوق العينية ونعني بذلك حافظ الملكية العقارية، المديرون الجهويون، أعوان إدارة الملكية العقارية المكلفون بمهمة التحرير وكذلك المحامين المباشرين غير المتمرنين من التقيد بهذا الإجراء ، فإن المذكرة عدد 18 لسنة 2019 المؤرخة في 30 ماي 2019 تندرج في هذا الإطار لتأكيد إدارة الملكية العقارية على أن عملية التحجير تشمل أيضا محرري العقود بإدارة الملكية العقارية ومخالفتهم للنص تجعلهم محل مساءلة.
ولكن الملاحظ في النص القانوني والمنشور الموضح له أنه تم التركيز على عملية التحجير عن التحرير وعدم إسداء الخدمات في الصور المخالفة للنص وعلى التثبت من طريقة دفع الثمن المتفق عليه بالعقد ومساءلة المحرر في صورة مخالفته للنص في غياب تحديد الإجراءات الواجب إتباعها وإعتمادها من طرف كل الهياكل المتداخلة في ضمان لحسن تطبيق أحكام الفصل 45 من قانون المالية لسنة 2019 وضمان حقوق الأطراف المتعاقدة، وترك باب الإجتهاد في كيفية التعامل مع النص على مستوى الإجراءات المتبعة للمكلف بالتحرير والجهة المكلفة بترسيم تلك العقود باعتبار أنهما الطرفان الكفيلان بإحترام تطبيق مقتضيات النص والغاية من تشريعه والضامنان لحق كل طرف من المتعاقدين سواء عند التحرير لإعتبار أن عملية التحرير هي عملية تحضيرية لعملية الترسيم ولأن محرر العقد محمول قانونا على الحفاظ على حقوق الأطراف المتعاقدة أوعند الترسيم لإعتبار أن المحرر محمول قانونا على القيام بالإجراءات اللازمة للترسيم والإدارة بترسيم العقد ضمانا
لحقوق الطرفين في إثبات حق ملكية العقار بالترسيم بالنسبة للمشتري وإثبات حق توصل وقبض الثمن بالنسبة للبائع.
وتختلف طرق دفع الثمن بالطرق الأخرى الغير النقدية والتي من شأنها ترك أثر مادي لدى المؤسسات المالية المتداخلة في الشأن وهي إما الدفع عن طريق الشيك (عادي أو مضمون الرصيد) ، عن طريق تحويلات أو حوالات بريدية أوالدفع بواسطة الكمبيالات عند البيوعات المنجزة بالتقسيط. وكلها طرق قانونية تجنب تداول الأموال نقدا إذا ما إتفق الأطراف على إعتمادها.
لكن هاته الطرق تطرح عدة إشكالات في غياب الإجراءات وذلك على مستوى إعتمادها من بعض المؤسسات المتداخلة مقابل إسداء خدماتها في الغرض، على مستوى متابعة صرف وقبض قيمة المعاملة في إحترام لمقتضيات أحكام الفصل والغاية من تشريعه، على مستوى ضمان حق الطرف البائع في توصله وقبضه لثمن المبيع وعلى مستوى ترسيم العقد وضمان حق الطرفين .
ويندرج موضوع دراستنا هذه حول طرح هذه الإشكالات وتقديم إقتراحات في تعامل إدارة الملكية العقارية مع تطبيق أحكام الفصل 45 من قانون المالية لسنة 2019 على مستوى التحرير وعلى مستوى ترسيم تلك العقود بالسجل العقاري في غياب الإجراءات خاصة من حيث الضمانات والمقصود هنا ضمان دفع الثمن بالكيفية التي جاء بها النص والغاية من تشريعه ما من شانه ترك أثر مادي لدى المؤسسات المالية المتداخلة في الشأن وصولا إلى قبضه وضمان إستحقاق المشتري لمشتراه بترسيمه بالسجل العقاري. حيث لا يمكن إثبات حق المشتري بالترسيم إذا ما لم يثبت حق البائع بقبضه لثمن المبيع.
1- الإشكالات المطروحة حول تطبيق أحكام الفصل 45 من قانون المالية لسنة 2019 في غياب الإجراءات:
* الإشكال على مستوى إعتماد طريقة الدفع من طرف بعض المؤسسات المتداخلة في الغرض :
هناك من المؤسسات المتداخلة في الشأن التي لا تعترف بطريقة دفع معينة التي إعتمدها محرر العقد عند التحرير باتفاق الأطراف رغم كونها قانونية وتجنب تداول الأموال نقدا وترفض إسداء خدمتها إلا إذا كانت عملية الدفع بطريقة معينة عند المعاملات بين الأشخاص لإسداء الخدمة المطلوبة منها، على سبيل الذكر وفي غياب الإجراءات بالنص هناك قباضات مالية باجتهاد منهم يمتنعون عن إسداء الخدمة إذا ما تم التنصيص بالعقد على ان الدفع تم بموجب أي صورة قانونية اخرى خلافا لإعتماد صك مضمون الرصيد، وهذا ما خلق تجاذب وإختلاف في الأراء حول هذه المسألة وتسبب في تعطيل عديد المعاملات بين الأشخاص وصلت إلى حد الإبطال والعدول عن إتمامها.
كما أنه هناك من الطرق ما هو مرتبط بحسن النية والثقة المتبادلة بين الطرفين مثل الدفع السابق أو اللاحق لعملية التحرير وهذه طرق لا تنطبق مع جميع المتعاقدين ودائما ما يفترض سوء النية في المعاملة بين الأشخاص.
* الإشكال على مستوى متابعة صرف قيمة المعاملة وقبض الثمن:
إذ وبعد إتمام عملية التحرير والتنصيص بالعقد على كيفية دفع قيمة المعاملة بالطريقة الغير النقدية، لم يحدد النص الطريقة والجهة المسؤولة على متابعة صرف قيمة المعاملة في إحترام لأحكام النص والغاية من تشريعه، إذ يمكن باتفاق مسبق بين الطرفين من باب التحيل بعد التحرير ومغادرة مقر المحرر أن يتم دفع قيمة المعاملة نقدا دون علم أو تفطن أي جهة مسؤولة لذلك وهذا يعتبر خرق للنص في غياب ذكر الطريقة والجهة المسؤولة على متابعة كيفة إستخلاص قيمة المعاملة.
* الإشكال على مستوى ضمان حق الطرف البائع في توصله وقبضه لثمن المبيع :
حيث أن عملية تسلم الشيك (عادي كان أو مضمون الرصيد) إذا ما تمت بواسطة ذلك عند التحرير لا تعني عملية قبض الثمن وحيث أن التنصيص بالعقد على أن الدفع تم بموجب صك مع التنصيص على مراجعه لا يعني أن عملية البيع إكتملت واكتسب كل طرف حقه بعد إمضاء العقد من الطرفين وفق ما ورد بالنص لغياب المتابعة في صرفه إذا ما لم يتوصل البائع بقبض ثمن المبيع، إذ يمكن ولأسباب قاهرة خارجة عن إرادة حامل الشيك يتعذر صرفه في الآجال القانونية المحددة لرصد قيمته وبالتالي عدم قبضه لثمن المبيع وضياع حقه بعد رفع الحضر على المبلغ المرصود ليصبح فيما بعد تحت التصرف. إذا أن رصد قيمة الشيك مضمون الرصيد على الذمة له آجال محدد وهي ثمانية (08) أيام تبقى على ذمة حامل الشيك وعند تجاوزها يرفع الحضر عليها وتصبح تحت تصرف صاحبها الأصلي ويصبح الشيك مضمون الرصيد شيك عادي ويكون في الأثناء المشتري قد ضمن حقه بترسيم العقد بالسجل العقاري لعدم وضع شرط القبض للترسيم، كما يمكن أن يعود الشيك دون صرف لعدم وجود رصيد. فأين الضمانات للطرف البائع في هذه الحالات ؟
* الإشكال على مستوى الترسيم وضمان حق الطرفين:
وهو ما تم تقديمه سابقا في إرتباط عملية الترسيم بعملية قبض الثمن . حيث الإدارة محمولة وقبل القيام بعملية الإدراج التثبت من الوثائق المقدمة ومؤيداتها ما يفيد ويضمن حق الطرفين خصوصا الطرف البائع بتوصله وقبضه لثمن المبيع إذ لا يمكن ضمان حق المشتري بترسيم العقد دون الحرص على ضمان حق البائع بقبضه للثمن.
ويبقى الإجراء والتمشي الأنسب في تعامل الإدارة مع النص تفاديا لكل هذه الإشكالات وإحتراما لتطبيق مقتضياته وضمانا لحقوق طرفي التعاقد هي في :
2- الحلول المقترحة :
* عند عملية التحرير
– إشتراط إعتماد الدفع عن طريق صك مضمون الرصيد مع التثبت من أن المشتري هو صاحب الصك والمستفيد منه هو البائع.
– التنصيص بالعقد على مراجع الصك مع التاكيد على عملية تسلمه دون قبض قيمته وذلك بذكر :
” حدد ثمن المبيع بـ (ذكر الثمن) تم دفعه بموجب صك (بنكي/بريدي) مضمون الرصيد عدد………مؤرخ في …………ومسحوب على (إسم المؤسسة المالية المسحوب منها الصك) يعترف البائع بتسلمه دون قبض قيمته ويعتبر إمضاؤه أسفل هذا وصلا وإبراء في ذلك “
وهذا الإجراء تمشيا مع ما تشترطه القباضات المالية لتسجيل تلك العقود لديها. مع التنصيص صلب العقد على شرط الترسيم بالسجل العقاري بعد الإستظهار بما يفيد قبض الثمن عبر مرور عملية الصرف على مؤسسة مالية وذلك إحتراما لتطبيق أحكام النص وضمانا لحق البائع عند التعاقد وقبل إجراء الترسيم.
* عند الترسيم
في هذه الحالة وعند تقديم العقد لغاية الترسيم وإدراجه بالرسم العقاري المعني به وحماية وضمانا لحق الطرفين يبقى الإجراء الأنسب هو مطالبة الإدارة المودع أو صاحب الترسيم بالإدلاء بما يفيد صرف الصك وقبض البائع لثمن المبيع كمؤيد في إحترام لتطبيق النص.