يصدر قريبا كتاب بعنوان” محضنة المشاريع الثقافية:استراتيجية العمل الثقافي بولاية الكاف – خصوصية البرمجة والتكوين”لمؤلّفه الاستاذ نعمان الحباسي المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بولاية الكاف وهو أستاذ أول للتنشيط الثقافي ومن خرّيجي المعهد العالي للتنشيط الثقافي ببئر الباي.
ومن خلال هذا المؤلّف سعى كاتبه وانطلاقا من تجربته الشخصية في ادارة وتسيير عدد من المؤسسات الثقافية وانخراطه في الفعل الثقافي ضمن هياكل المجتمع المدني الى تقديم محاولة أو مقاربة شخصية وميدانية الى ارجاع الثقافة الى المؤسسات الثقافية من خلال مبادرات المجتمع المدني والمؤسسات العمومية الرسمية للدولة التونسية.
وقد كتب المؤلّف في مقدمة كتابه أنه “لئن قادنا الهوس بربوع ولايتنا فإن المصادقة على عراقة الفعل الثقافي وسمو قاطرة الثقافة بها وسبق تاريخها و ديمومة مخزونها يجعلنا أمام تحديات عديدة مواصلة الفعل الثقافي و تأثيث المشهد بتظاهرات نوعية واعلاء مقومات روافدنا و أعلامنا الثقافية وسبل الحفاظ و التعريف و التجديد لمخزوننا الثقافي وتفعيل منابر المبادرات والشراكات والخوض في غمار تجارب جديدة مما يفرض علينا ضبط استراتيجيات ونظم عمل متناسقة و متطابقة لسياسات وزارة الشؤون الثقافية ومندمجة وناهلة من خصوصية جهة الكاف ومفعمة بريادة الحراك الثقافي بها وبمدى تأثيره على الوضع الثقافي العام.
وقد اخترنا الإجادة بهذا العمل لتكون دروب المؤسسات الثقافية فضاء متسعًا و رحبًا قادرا على احتضان جميع الأفكار و الرؤى منفتحا على جميع الفئات و الشرائح ملما بكل الكفاءات و المواهب جامعا لمختلف الفنون و محافظا على خصوصية الجهة و امتدادها…وإننا نضع هذا الفعل سعيًا للتواصل والتشارك و التبادل الفكري من منطلق اعتبارنا ان الإبداع ولادة متجددة والاجتهاد دليل لتحقيق الأهداف”وفي الكتاب قدّم الباحث نعمان الحباسي مجموعة من المقاربات والمقترحات والدراسات التي نهلت من دراسته لعديد القطاعات الثقافية بولاية الكاف كنموذج ومن خلال عرضه لعدد من المقاربات والتجارب الناجحة في علاقة بعدد من المشاريع الرائدة المشتركة بين المجتمع المدني بمختلف فروعه والمؤسسات الثقافية بولاية الكاف خصوصا وان المؤلّف كانت له عند اشرافه على ادارة المركّب الثقافي “الصحبي المسراطي” بالكاف تجربة ناجحة ضمن الدعم الاروبي للمشاريع الثقافية المنصهرة في برنامج “تفنّن” ضمن مشروع اختار له من الاسماء “محضنة الابداع”وبالشراكة مع الفنان التشكيلي عمّار فرحات صاحب مرسم “la grotte ” بمنطقة الدهماني.
ومن خلال المقاربة التي صدرت بهذا الكتاب أكّد المؤلّف ان الهدف هو عرض عدد من التجارب الناجحة.
لتكون مرجعا يمكن من خلاله على حد ما حبر في المؤلّف “تعزيز دور المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية في تأثيث وتحديث المشهد الثقافي بجهة الكاف دون نفي دور المبادرات الفردية بل ان هذه التجارب تضمن نجاح هذه المبادرات واستمراريتها وتموقعها الثقافي بالجهة”.
وأكّد الكتاب بين دفتي صفحاته ان الشراكة بين المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية مهمّة من حيث سعيها الى تفعيل الدور الاساسي لبعث هذه المؤسسات بكل معتمديات جهة الكاف خاصة وبكل تراب البلاد عامة وبما يعزّز كذلك دور وزارة الشؤون الثقافية في الجهود التي تطرحها من خلال دعم الجمعيات والمراكز الثقافية والمبادرات الفردية والمهرجانات والمراكز الثقافية الخاصة.
وتناول الأستاذ نعمان الحباسي في مؤلّفه هذا كذلك ثلاثة ركائز أساسية في العمل الثقافي إذ تعرّض الى الهنات التي تشهدها المؤسسات الثقافية من حيث ضبابية الدعم ومشروعية المنجز الثقافي لعدد من الجمعيات والمشاريع التي تم دعمها على المستوى الجهوي.
واستعرض في هذا الاطار مسؤوليته كمندوب جهوي ومسؤولية أعضاده على مستوى الادارة الثقافية وعلى مستوى الهياكل الرسمية الجهوية بولاية الكاف في تنظيم وترشيد الدعم الموحّد بالجهة وسبل ضمان النجاح والنجاعة والاستمرارية للمشاريع الثقافية من أجل تأميم ما اعتبره المؤلّف “المشاريع الثقافية ذات الاهداف المشتركة في مجالات مختلفة”وذلك قصد توحيد الجهود الجهوية بما يضمن صورة واضحة وناجعة داخل معتمديات الجهة.
كما تعرّض الكتاب الى خطط الادارة الثقافية الجهوية ذات الصلة بدعم المشاريع الثقافية التشاركية بين المجتمع المدني والمؤسسات الثقافية بالتعرّض الى الاستراتيجية المنتهجة والتي تقوم أساسا على خصوصية كل مؤسسة ثقافية ضمن اطارها المحلي وتناغم البرامج التشاركية مع مرجعية وزارة الشؤون الثقافية من خلال برامجها الوطنية.
الى جانب ضبط آليات دعم المراكز الثقافية الخاصة والجمعيات وذلك من خلال التعرّض الى عقود الاهداف المبرمة للدعم والمرتبطة بالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ومؤسساتها المرجعية.
وأكّد الاستاذ نعمان الحباسي كذلك في هذا الاصدار أنه تم العمل على مشاريع ثقافية وطنية ودولية مرجعية متماهية مع خصوصيات الجهة ومن خلال الاستئناس واستغلال وحسن توظيف المخزون الثقافي المادي واللامادي لولاية الكاف بما يؤمّن اشعاعه وتسويقه ثقافيا وسياحيا وبما أفضى كذلك الى تأسيس تظاهرات اقليمية مؤسساتية تظهر المخزون الثقافي المشترك الى جانب دعم السياحة الثقافية من خلال تفعيل التراث اللامادي توثيقا وتسويقاواختتم الكتاب بالتأكيد ان الشراكة بين القطاع الخاص والعام من شأنها تحفيز النقاش بين المثقفين والفنانين حول المواضيع الثقافية وبما يساهم في خلق جيل جديد من المبدعينوعموما فان هذا الكتاب مهمّ جدّا من حيث أنه يسرد تجربة ناجحة في التنشيط الثقافي ويقدّم مقاربة موضوعية لهذه التجربة الخصوصية على مستوى ولاية الكاف كنموذج لبعض التجارب ذات الصلة بالجهات الداخلية ويمكن أن يكون الكتاب مرجعا لطلبة التنشيط الثقافي وللمشرفين على الجمعيات الثقافية للنهل ممّا جاء بين دفتيه من عرض عملي لتجارب الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والمؤسسات الثقافية العمومية واعتبارا لأهميته فالمقترح تبنيه من وزارة الشؤون الثقافية لتعميم نشره بمؤسساتها المرجعية بما يساعد المشرفين عليها على الاستئناس بفحواه من أجل بديل ثقافي هادف ومتناغم مع السياسات الثقافية الوطنية والجهوية الناجعة ليشكّل هذا المنجز الورقي في النهاية مرجعا لاستراتيجية ثقافية واضحة وناجعة تمثّل إضافة نوعية وتساعد على النهوض بالفعل الثقافي بعد تقييم رصين ودقيق.