احتفت يوم الثلاثاء 16 مارس 2022 ولاية جندوبة بفعاليات المهرجان الدولي للمسرح المحترف الذي اطفا شمعته الثالثة وذلك في مركز الفنون الدرامية والركحية بجندوبة وتواصلت الدورة الى يوم الاثنين 21 مارس الجاري …
حدث ثقافي ثري ومتنوع فتحت له جندوبة خشبات مسرحها ليجدد مدير الدورة الاستاذ الازهر الفرحاني العهد مع اب الفنون على ضوء رؤيا تتلاقح فيها الافكار والمرجعيات المسرحية من تونس والجزائر والمغرب وفلسطين وسوريا ومصر بالاضافة الى فرنسا وايطاليا وايران بمشاركة مسرحيين لامع سيطهم .
وتجدر الاشارة الى ان العديد من المسرحيات قد شاركت ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان وتتكون لجنة تحكيمها من الدكتور “حكمت داوود من العراق بصفته رئيسا ودليلة مفتاحي وخالد بوزيد وعاطف بن حسين ومريم بن شعبان بالاضافة الى “كوروش زارعي” من ايران .
افتتاح الدورة كان ملفتا بتفاصيله المدروسة والمنظمة وتزين “بكرنفال”عنوانه “مابين الابيض والاسود ….لنا في الالوان حياة. “
وتماهيا مع رمزية العنوان ارتدت شخصيات مسرحية بدلات باللون الابيض والاسود خلال العرض الافتتاحي مع التركيز على حمل الرقم 4 رمز المهرجان الدولي المحترف 4/4 وهو تذكير لما عرف “باحداث مليز”التي جدت يوم 4 افريل 1938 والتي تعرض خلالها عدد من ابناء الحهة ونشطاء الحركة الوطنية للقمع والاعتقال.
واختار صناع المهرجان اثناء حفل الافتتاح تكريم مجموعة من المسرحيين الذين نحتو اسمائهم على خشبات مسارح جندوبة وعرفوا بتاريخها وهم ناجية الورغي ونور الدين الورغي والطاهر القليبي هذا فضلا عن استاذ الموسيقى لطفي الخموسي وانصاف الشندالي من معهد الفنون بالعمران.
اما عن الافتتاح الرسمي فقد كان باشراف المندوب الجهوي للثقافة بجندوبة احمد الشيباني …
حضر المهرجان جمهور غفير غصت به اروقة مركز الفنون الدرامية والركحية بجندوبة من مختلف الشرائح العمرية .
تواصلت العروض المسرحية المبرمجة ضمن المسابقة الرسمية وهي مسرحية “الروبة ” لحمادي الوهايبي ” ومسرحية ” كلونات” ليوسف مارس و”عقاب جواب”لمحمد علي بن سعد ومسرحية “عائشة 13” لسامي النصري ….هذا فضلا عن مسرحيات اخرى خارج المسابقة الرسمية على غرار “ذاكرة” لسليم الصنهاجي وصباح بو زويتة و”مونودرام “للرجال بركة لنجوى ميلاد بالاضافة الى مونودرام “…
وكان للعروض الكوريغرافية ايضا حضور بارز ابرزها عرض “رسالة الى الرب” لثريا بوغانمي والتجليات المسرحية التي ابدعة فيها طلبة المعهد العالي للموسيقى والمسرح بالكاف .
ووسط هتافات الجمهور وتفاعله تم عرض مسرحية “عقاب جواب” لشركة رؤى للانتاج الفني و”قلب الرحى” لدليلة مفتاحي و”رهاب ” لمركز الفنون الدرامية والركحية بجندوبة ومسرحية”رحم “من ليبيا و”صهيل”من العراق ومونودرام “للرجال برك”لنجوى ميلاد “للة القمرة “لهيفاء الطويهري وايضا مسرحية ارحمو مريم “من فلسطين.
كما تم عرض مسرحية “4949”لشركة جوكر للانتاج و”ذاكرة ” لسليم الصنهاجي …و”براكاج “لجمعية شكري بلعيد للفنون ومسرحية “الروبة”لمركز الفنون الدرامية والركحية بالقيروان.
وتاثث المهرجان كذلك بمسرحية “عجاف”من ليبيا و”جوع الكبار من المغرب و”جنة هنا” من مصر و”عندما ينتهي يسقط ” من ايران و”الانحوتة”من الاردن و”راعي الصحراء” لمركز الفنون الدرامية والركحية بتطاوين وكذلك مسرحية”ربع وقت” لمسرح الحمراء ….وبالنسبة للاطفال فكان لهم نصيب في العروض التي تابعوها بشغف ولهفة تجسدت في تفاعلهم المنقطع النظير.
ولم يفت هيئة المهرجان تنظيم ورشات تكوينية في فن المسرح والتي اشرف عليها كل من الممثلة جليلة بكار والممثل خالد بوزيد وعاطف بن حسين وميساء السعيدي وطارق العتروس من تونس وانس عبد الصمد من العراق ونورهان ايمن من مصر ولوكا فونيلا من ايطاليا.
ومثلت هذه الورشات فرصة لتقديم دورات تدريبية لهواة الفنون المسرحية بعنوان ” الجسد كاداة تعبير” و”الارتجال المسرحي” و”صنع العراءس ” والرقص الارتجالي ” و”ابجديات الجسد”.
واضفت مجموعة من العروض الموسيقية المقدمة اجواء مثيرة فكان عرض “الولادة”للبنى نعمان التي تغنت بحواء في جميع تجلياتها واحوالها فلخصت حكاياتها مع الحياة ببصمة الامومة والانوثة والغزل والحب والهيام ..
وتماهى معها الفنان نضال اليحياوي الذي جعل الحضور الغفير يرقص على انغام “الشاوية ” التي تخترق السمع لتدق ابواب القلوب في محاكاة للبادية باوعارها وجبالها القاسية…
هذه الاجواء الفنية الاحتفالية لم تات من عبث بل كانت على ضوء استراتيحية فنية ولوجستية سهرت على وضع خطوطها العريضة الهيئة التنظيمية للمهرجان ووفق رؤيا فنية لمدير الدورة الفنان الازهر فرحاني الذي اكد في تصريح خص به موقع “الاعلام الجديد” ان المهرجان في نسخته الحالية هو بحث في كيفية التلاقح الفني والفكري والحضاري وتخليد لمدارس ومرجعيات مسرحية ينطق تاريخها بحضارة مشرفة تنهل منها الاجيال القادمة وتتسلم منها ومشعل الفن والابداع وهكذا تصنع الامجاد …لان الانسان فان لامحالة ….لكن الفن باق جيلا بعد جيل …
وبدخولنا الى كواليس الفنانين وجدنا اختلاف الرؤى والازياء والرسائل المشفرة كل حسب مرجعيته على غرار الفنانة فاطمة الفالحي التي اكدت ان ما قدمته ينتمي الى دراما النقد الاجتماعي اللصيق بالسياسة.
وهو تجسيد فعلي للواقع المعاش دون تزيين او تملق ورغم ان النص طريف واضحك الجمهور باعتبار وانها لخصت الخطوط العريضة لحياتها وعلاقتها بعائلتها والمجتمع ولكن المختوى اعمق بكثير،لانه بحث في العادات والتقاليد التي لا تزال تنظر الى المراة نظرة دونية ..
وفي نفس السياق اكدت الفنانة دليلة مفتاحي ان مسرحية “قلب الرحى” هو في الحقيقة تجسيد لمعاناة المراة التي تصارع جيلا بعد جيل لكسر القيود والخروج من بوتقة النقص والخوف ليتوسع الاشكال الى سرقة ثورات الاوطان …..
اليوم الختامي كان محطة تكريمية لمدير بيت الفن المصري اسماعيل المختار والفنان كوروش زراعي من ايران وتلى ذلك الاعلان عن النتائج وهي كالاتي فوز محمد شوقي خوجة بجاءزة عيسى حراث لافضل دور رجالي عن دوره في مسرحية “الروبة” وتوج معز حمزة بجاءزة نور الدين الورغي لأفضل نص عن نصه في مسرحية “عقاب جواب”
وتحصل حمادي الوهايبي على جائزة المنصف السويسي لافضل اخراج عن مسرحية “الروبة”
كما حازت الفنانة المسرحية المصرية هالة سرور على جائزة فاطمة بن سعيدان لأفضل اداء نسائي عن مسرحية “جنة هنا” من مصر.
هذا فضلا عن تنويه خاص بالمسرحية الايرانية “عندما تنتهي تسقط”.
اما الممثل يحي الفايدي فكان من نصيبه جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
وقررت لجنة التحكيم بعد قرار بالاجماع حجب جائزة العمل المتكامل .
دورة ثالثة انتهت ولملمت تفاصيلها وصخبها بعد ان اضفت حركية على مركز الفنون الدرامية والركحية بجندوبة وكل الجهة …وحملت معها اصرارا من منظمي هذا الحدث الثقافي على تجديد العهد في الدورة القادمة رغم الصعوبات المادية واللوجستية . …فبالفن تصارع الظروف وتتجسد الاحلام كما خشبة المسرح التي تصنع الابطال .