في تقديم للأساذ الناقد مراد الخضراوي صدرت مؤخرا رواية” أنطالاس”للشاعر والروائي الطبيب أصيل مدينة الكاف وليد السبيعي وهي رواية تستلهم بطولتها من حدث تاريخي هو المعركة التي فادها القائد الامازيغي” أنطالاس ولكن برؤية طبيب وشاعر وروائي آمن أن”التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار وفي باطنه نظر وتحقيق “.
وأنه مراكمة التجربة البشرية بعمق التفاعل العجيب بين الإنسان والأرض لقطع امتداد الماضي في المستقبل وصناعة الغد بفهم الأمس واليوم،ورؤيا المبدع الخلاق الذي يخترق المدى بحثا عن الهوى،هوى الأرض والذات والمعنى والندية تجاه الآخر.
إن أنطالاس وليد رواية تتجاوز السرد النمطي للأحداث وتتخطى النظرة الأولية للرواية التاريخية التي نشأت في الغرب ومدت جذورها في أرض العرب بفضل جرجي زيدان
هي حكاية راويها حسب ما جاء في مقدمتها “صاحب نظرة بانورامية للزمن وصوت متعدد الأصداء للفضاء والأحداث،له قدرة عجيبة على مزج الأحداث والأفضية والأسماء دون إرباك للذاكرة والتذكر والغموض العجائبي المرهق،إنه راو حكاء يصهر الأشياء المتباعدة دون نشاز لييسر عملية الظفر بخيط ناظم ورصد المشترك المتطور على قاعدة”أن كل شيء مؤثر في غيره متأثر به في حركة دائمة وتغير مستمر”.
في هذه الرواية تتعدّد الامكنة وتتسع جغرافية المكان ليروي كل مكان مجموعة من التفاصيل الكبيرة والصغيرة عن سكّان جمعهم الحب والعشق بين ثنايا الجبال والوديان وبداوة العيش التي وصفها خيال الراوي الفنان الشاعر صاحب القدرة على التصوير والتخييل في تداخل واضح لأزمنة السرد المقاومة الأمازيغية المورية حتى المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي وبين 3 أمكنة هي تالة وتلابت وتبسة وبين هذا وذاك يبرز جليا صراع الفراشيش مع المستعمر عن الارض والعرض ليسجّلوا صفحات تاريخهم النضالي ليتماهوا بين جدلية القوة والذكاء الفرشيشي وزوايا نظر الراوي المتعددة ثابتا ينسف مقولة همجية البادية وسذاجتها وانعدام قدرتها على التسيير والتغيير الذي انغلقت عليه دائرة أهل”المدر”دون أهل “الوبر لتضحى هذه الرواية تشخيصا للتاريخ واستقراء ومساءلة له وفق مقتضيات لذة السرد وتشويقه وتقنياته وقدرته على الاختراق ومتطلبات تخييل الطبيب السارد الشاعر المهوم بين الواقع والأسطورة والحقيقة والخيال ،وعلى قاعدة الدراية العميقة بأسرار الماضي ومتطلبات الحاضر ورهانات المستقبل.
إنها رواية حسب الناقد مراد الخضراوي “شاهدة على ظلم الرواية الرسمية ومعالجة لذاكرتنا المثقوبة بزمن المسوخ وضد جميل لنسيان قبيح ربما بحسن نية أو بسبب تدبير واع ندعي -في هذا المقام-أننا لا نملك حقيقة دواعيه”.