جمال قتالة
منذ أكثر من مئة عام، يحافظ مطعم “الفيمينا”، الواقع في شارع المتحف بمرسيليا، على تقليد طهوي نادر وثمين: الكسكسي القبائلي المصنوع من سميد الشعير.
هذه الوصفة التي ورثها مصطفى كاشطيل، المدير الحالي والممثل للجيل الرابع، عن جدته الكبرى، تجمع بين ذاكرة منطقة القبائل في الجزائر والتراث الطهوي المرسِيلي.تأسس المطعم في عام 1921 على يد الأخوين أرزقي وحمو كاشطيل، القادمين من قرية بوزغن في منطقة القبائل. بدأ المطعم كمتجر عائلي صغير في حي نوياي الشهير.
وصفتهم الفريدة من الكسكسي، الممزوجة بـ “السمْن”– الزبدة المعتقة التقليدية – والمصحوبة بالبقوليات مثل العدس والحمص والبطاطا، تروي قصة نجاة وتقاسم من جبال القبائل، حيث الشتاء القاسي يستدعي تناول أطعمة مغذية ومريحة.اليوم، مصطفى، الذي يواصل ارتداء قبعته القشية الشهيرة، يحرص على أن تبقى الوصفة العائلية كما هي، يقول: “إنها وصفة جدتي الكبرى، وأحاول أن أحافظ عليها بأقصى قدر ممكن من الدقة”.
ولكن مطعم “الفيمينا” ليس مجرد مكان للأكل، بل هو رمز للتلاقح الثقافي في مرسيليا. يقع المطعم في حي نوياي المتنوع ثقافيًا، والذي يصفه مصطفى بأنه “بطن العالم”. المطعم يستقبل زبائن من جميع الطبقات، مما يعكس التنوع الثقافي للمدينة. يؤكد مصطفى: “نوياي هو بطن مرسيليا، ومرسيليا هي قلب العالم”.
على الرغم من أن سعر طبق الكسكسي باللحم يبلغ 23.90 يورو، ما قد يعتبره البعض مرتفعًا، إلا أن مصطفى يؤكد على أن الكسكسي هو طبق للتشارك. ويضيف: “الكسكسي هو رمز للتجمع، يمكن تقديمه بشكل بسيط أو بشكل أكثر تفصيلاً، لكنه يظل طبقًا يجمع الناس”.
في عام 2020، تم إدراج الكسكسي ضمن التراث الثقافي اللامادي لليونسكو، مما زاد من فخر عائلة كاشطيل. بالنسبة لمصطفى، هذه الاعترافات ليست سوى اعتراف بالتراث العائلي الذي يسعى جاهداً للحفاظ عليه.
ومع أن مستقبل المطعم قد يكون بين يدي ابنتيه، إلا أن مصطفى يبقى واثقًا: “طالما أنا هنا، سيبقى اسم كاشطيل كما هو”مطعم الفيمينا، 1 شارع المتحف، 13001 مرسيليا – معلم طهوي يجمع بين الثقافة المرسيلية والقبائلية ويواصل إبهار عشاق الطعام.