الجمعيات

السواحل التونسية: حيوانات بحرية مهددة بالإنقراض

و في غياب توعية كافية من قبل السلطات العموميّة بادرت مجموعة من الشباب الممثلين للجمعية الثقافية و البيئية بقليبية إلى حماية عش السلحفاة بوضع لافتات و أعمدة حول مكان التعشيش مع تطوّع عضوين للحراسة من شغب المارّة و بطش أعداء الطبيعة طيلة شهرين كاملين أي حتى موعد التفقيس.

و لعلّ بعض المتابعين لن يهتمّ لهذه الظاهرة الطبيعيّة التي تبدو في ظاهرها عاديّة و لكنّها تخفي عنّا قيمتها في إرساء توازن بيئي سليم و تنمية بيئية مستدامة, كما تكشف لنا عن قلة وعي المواطن التونسي بالثروات الطبيعية التي منّ بها الله علينا من خلال الخروقات التي نراها في الشوارع و الشواطئ سواء من رمي الأوساخ و الفضلات البلاستيكية او تدمير الحاويات الحافظة للقمامة أو إهمال الانخراط في تجمعات و جمعيات تنير الوعي البيئي و تسعى لتحسين مكان العيش المشترك.

 السلاحف البحريّة و توازن المنظومة البيئية :

 السلحفاة البحريّة هي دليل توازن المنظومة البحرية في مقام خاص و المنظومة البيئية ككل في مقام عامّة, و قد اجتمعت عدة أطراف ساهرة على حمايتها والتحسيس بأهميتها والسعي لإقناع المجتمع المدني على ضرورة المحافظة عليها.

من بين سبعة أصناف للسلاحف البحرية في العالم، تضم سواحلنا ثلاثة أنواع وهي السلحفاة ضخمة الرأس والسلحفاة جلدية الظهر والسلحفاة الخضراء.

ومن أجل حماية السلاحف البحرية، تم بعث المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار في 2004.

 وتتمثل مهام المركز في التنقل لأخذ السلحفاة ومداواتها، إضافة إلى القيام بحملات توعية وتحسيس حتى يدرك المواطن قيمة السلحفاة.

إن السلحفاة التي تأتي للتبييض بتونس يعود صغارها إلى نفس المكان بعد 15 سنة.

وبالتالي لا بد من توفير المناخ الملائم حتى نضمن عودة السلاحف البحرية من جديد.

من جهتها تطرقت سبا قلوز، المختصة في التنوع البيولوجي بوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، إلى الحديث عن محاولتها لمتابعة تعشيش السلحفاة ضخمة الرأس بجزيرة قوريا، وذلك بالتنسيق من المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار والمركز الإقليمي للأنشطة للمناطق المتمتعة بحماية خاصة وكلية العلوم بصفاقس، وذلك منذ 1997.

“إن التمشي الذي يتم اعتماده هو السعي لحماية المنظومة ككل بما فيها السلحفاة وأمكنة تعشيشها” هذا ما أكدته سبا قلوز للجمعية الثقافية و البيئية بقليبية ، التي أضافت أنه وبالتوازي مع العمل الميداني فقد تم تركيز قانون عدد 49 لسنة 2009 يعنى بالمحميات البحرية والساحلية في تونس.

 السلاحف البحرية و خطر الانقراض:

 تشهد أعداد كبيرة من السلاحف على سواحلنا عدة تهديدات من بينها التلوث بمختلف أنواعه، والعوامل الطبيعية والافتراس والتهيئة الساحلية والتدفق السياحي على مواقع التفقيس والصيد العرضي والاستعمال البشري. فكثيرة هي السلاحف التي تكون حالتها سيئة نتيجة ابتلاعها لخيط الصنارة حتى أنه أحيانا يصعب انتزاعه.

 تتعرض السلاحف البحرية حاليًا لخطر الانقراض، بسبب زيادة معدلات التلوث في نقطة أولى ، إذ أنه عندما تبتلع السلاحف مادة البلاستيك، فإنها تصاب بانسداد الأمعاء الذي يمكن أن يؤدي إلى سوء التغذية ومن ثم الموت. 

وقد شهد الإنتاج العالمي السنوي للبلاستيك نمواً مطردًا من 1.5 مليون طن إلى 299 مليون طن في السنوات الـ 65 الماضية، حيث أدى إلى زيادة معدلات التلوث بالبلاستيك في البحر.

 أما في نقطة ثانية فإن ما يهدد حياة السلاحف البحرية هو بالأساس الصيد العرضي.

 حيث يسجل البحر الأبيض المتوسط نفوق أكثر من 44 ألف سلحفاة بحرية منها حوالي 700 سلحفاة في تونس التي تشهد عدة حالات للصيد العشوائي و البيع غير القانوني.

 “رغم أنه تم وضع قوانين لمنع بيع وصيد السلحفاة البحرية، ورغم إمضاء تونس لاتفاقيات دولية يجب على تونس احترامها فإن هناك عدة تجاوزات” هذا ما أكدته ألف الشايب.

 دور المجتمع المدني في الحفاظ على الثروة البيئية:

 إضافة إلى الهياكل العمومية التي أرستها الدولة كالمعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار

و وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي و القوانين المتمثلة في وضع خطط إدارة و حماية السلاحف البحريّة و تصحيح مفهوم علم السلاحف من خلال البحوث و عمليات الرّصد, فإنّ المجتمع المدني مطالب بتعزيز أنشطة الحماية و نشر الوعي الكافي لدى المواطنين لضمان الحفاظ على المنظومات البحرية و البيئية.

و قد اخذت الجمعية الثقافية و البيئية بقليبية مبادرة حماية مكان تعشيش السلحفاة البحرية على شاطئ قليبية في بادرة تعتبر الاولى من نوعها.

إضافة إلى دعوتها لممثلي وكالة حماية و تهيئة الشريط الساحلي يوم السبت 11 أوت 2018 و القيام بمحاضرة تحسيسية على الشاطئ حول اهمية السلحفاة البحرية و الطريقة المثلى لحماية التعشيش خاصة و أن مكان الوضع كان على شاطئ آهل بالسكان مما يفرض حماية مكثّفة.

و قد شارك في هذه التظاهرة العديد من الاطفال و الشبان الذين أبدو وعيهم الكامل بضرورة المحافظة على الثروات البيئية من التلوّث لضمان التنمية البيئية المستدامة.

“تستطيع تونس المضيّ قدما نحو دولة سياحية بامتياز لا من خلال التهيئة الفندقية و الهيكلية فقط بل و أيضا من خلال المبادرات التي يقوم بها الشباب من أجل تحسين الوعي البيئي و الحفاظ على المحيط” هذا ما ختمت به الخبيرة سبا قلوز.  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق