دراسات وأبحاث

رجل العراق…وثورة14 تموزجويلية 1958 الخالدة

فالزعيم الخالد هو المخطط الأول والمفجر الأول لتلك الثورة , ومهما حاول البغاة والحاقدون والخونة والأقلام المأجورة.

 إن يطمسوا الحقائق ويزيفوها فلن يستطيعوا لان الشعب العراقي يدرك تلك الحقيقة التي لايمكن أن يحجبها أي غربال .

أمتاز الزعيم الخالد بصفات ومميزات جعلته يتربع على قلوب محبيه بعد النجاح الكبير لثورتنا الخالدة وهو اكبر وسام تشرف به ويبحث عنه أي قائد تاريخي وهو حب الشعب وذكر المآثر ودخول الصفحات البيضاء من التاريخ.

لقد انتشرت الظاهرة القاسمية عند الرؤوساء العراقيين اللأحقيين لكنهم نسوا إن الشعب وحده من يقرر من هو الحبيب الذي يدخل سويداء قلوبهم ,تصف إحدى المصادر نزاهته وأخلاقه ونجاح الثورة:((هو لايحابي ولايداهن , صادق , مخلص, مستقيم, ذكي الفؤاد, المعي يزن الناس بميزان حساس في رجاحة فكره وسرعة بديهته ولهذا فقد كتب له النصر التام في ساعات قصار في ثورته القوية التي قضت على آفق من التاريخ هو عنوان الاستعباد والمظالم وبرزت بأفقها الحر النير الجديد في آفاق العراق تدون تاريخاً هو المجد والعزة والكرامة للعراق وشعبه))ويصفه نفس المصدر: ((انسان مثالي بطل غير هياب كتوم حذر رابط الجأش عميق الرأي والفكر متين الحجة سليم البيان نبيه الخاطر سريع البديهة قوى الإرادة عسكري المعي خطيب مدره ذرب اللسان أديب لين متواضع كريم سخي محب للخير والفقراء والكادحين مقدر للعلماء والادباء والمخلصين ذواق لايميل إلى الترف, ينعم بحسن التفكير في الله وفي وطنه وشعبه وبيته)).

لقد قام الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم (رحمه الله)بالثورة لكسر قيود الذل ودك صروح الظلم والجور والقضاء على نظام العهد الملكي وتحرير الشعب واسترداد كرامته فقضى على الاستعمار في العراق وأسس الجمهورية العراقية الأولى الخالدة وأعاد للعراق وشعبه مكانته وهيبته ورفع سمو البلاد للأمام وتقدم بها نحو أفق واسع .

فقد جاء في دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960 واصفا هذا اليوم :(هو يوم تحرير العراق , وانبلاج نور استقلاله , وارتفاع قيمه لان العزة آلت إليه,والكرامة عادت إلى أبنائه بحركة اجتمعت لها عناصر إرادة الشعب ومختلف قواه يديرها الفكر ويغذيها الوجدان,صلّت لها سيوف الجيش وقارعت لها الأبطال بالسلاح فهبطت كفة الباطل وتهافت أصحابه.)

 فنسخ تأريخ وقام تأريخ.نسخ تأريخ الطغيان وعملاء الاستعمار وقام تأريخ الجمهورية الخالد , تعززه قوى الحرية والوطنية)).و((يوم طلعت شمس الثورة المحررة البناءة , شمس الحرية والنور الذي شع من قمم جلولاء فملأ آفاق العراق, حيث كتب تأريخه السعيد الجديد ابن الشعب الضابط الحر البار بوطنه, الزعيم الركن عندئذ عبد الكريم قاسم))انبثق نور الجمهورية العراقية الأولى عندما أعلنها قائد القوات الوطنية الذي تم له النصر صباح يوم 14تموز 1958م ببيانه الأول الذي أصدره يوم 26 ذي الحجة 1377هـ/14 تموز 1958م الذي جاء فيه :((بعد الاتكال على الله وبمأزرة المخلصين من أبناء الشعب والقوات الوطنية المسلحة أقدمنا على تحرير الوطن العزيز من سيطرة الطغمة الفاسدة التي نصبها الاستعمار لحكم الشعب والتلاعب بمقدراته لمصلحتهم وفي سبيل المنافع الشخصية))ومخاطباً الشعب العراقي :((لقد اقسمنا أن نبذل دماءنا وكل عزيز علينا في سبيلكم , فكونوا على ثقة واطمئنان بأننا سنواصل العمل من أجلكم وان الحكم يجب أن يعهد إلى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لايتم إلا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية وتعمل بمبادئ الأمم المتحدة وتلتزم بالعهود والمواثيق وفق مصلحة الوطن ….)).

وهكذا كان هذا اليوم أعظم عيد مر على الشعب العراقي منذ سقوط بغداد الحضارة بيد هولاكو المغولي سنة 656هـ/1285 م,يخاطب الزعيم الخالد شعبه الأبي بقوله:((إننا نذرنا أنفسنا في سبيل الله والشعب والوطن)), ((وإنني أذكركم إخواني وأخواتي بان جمع الكلمة وتوحيدها ومحاربة التفرقة ومحاربة العدوان أساس المجد والقوة والحياة )).

ويوضح أهداف ومبادئ ومنجزات الثورة الخالدة بقوله :((إننا عندما ثرنا وتمكنا من النجاح في ثورتنا فقد حققنا أهدافا كثيرة ومن تلك الأهداف إننا قضينا على العهد المباد الذي كان يتعسف في حقوق شعبنا ووطننا وقضينا على تلك الطغمة الباغية التي اعتدت على حقوق شعبنا ووطننا وتمكنا من الخروج من الأحلاف العسكرية.

 إننا دولة محايدة مسالمة لانكون طرفاً بالعدوان ونشجب التكتلات العسكرية وإننا لانعتدي على حد ولكننا نضمن الدفاع عن شعبنا ووطننا ونضمن الدفاع عن مصالح الأمة العربية جمعاء )).

((إن ثورتنا هذه ستستمر ولن يقف في تيارها احد))و((ستكون أهدافنا إعلاء شأن الأمة وإعلاء شأن الشعب ورفع مستوى الثقافة التي هي الأساس ورفع مستوى الصحة والمعيشة وبناء المساكن وشق الطرق والاستفادة من كل المشاريع وإعمار البلاد , وسوف ندخل الحضارة ومعالم المدنية في كل بيت وفي كل قرية وفي كل بلدة وفي كل مكان من أجزاء هذا الوطن))و((إننا أناس لانرهب حرية الشعب , نحن نمنحها ونحن نذود عنها)).

 (( إن الجيش سوف يبقى صفحة بيضاء ناصعة وهو فوق الميول وفوق الاتجاهات يخدم مجموع الشعب ))وعن مكونات الشعب العراقي قال:((ان الشعب العراقي يتكون من القومية العربية والقومية الكردية والقومية التركمانية والأقليات الأخرى المتحابة في وطننا وان النسبة العظيمة هي للشعب العربي في العراق ويليه في النسبة القومية الكردية قومية إخواننا داخل الوطن , ونحن نعتز بهم , وتليها النسب الأخرى, فأن الشعب العراقي يتكون من هذه القوميات المتآخية فيما بينها)).

وعن سمعة الجمهورية العراقية بعد التحرر وسياستها الخارجية يقول:((إن سمعة الجمهورية العراقية الخالدة وكيانها في الخارج أصبحت مرموقة يشار لها بالبنان فلدينا سياستنا الواضحة التي نسير عليها والتي تؤمن خدمة شعبنا ووطننا والسير مع العالم المتحرر في طريق الحرية والديمقراطية الحقة العادلة النبيلة التي لاتعتدي على احد )).

فمن أهداف الثورة الخالدة المنجزة التي أوجزها المؤرخ العراقي الكبير حسن العلوي في كتابه(عبد الكريم قاسم رؤية بعد العشرين):

 1:إلغاء النظام الملكي وإقامة النظام الجمهوري) .

 2:القضاء على الإقطاع وتوزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين.

 3:استرداد حقوق العراق النفطية حيث اصدر القانون رقم 80 الذي استعاد العراق بموجبه 99,5% من الأراضي الممنوحة لشركات النفط.

 4:تحقيق الوحدة الوطنية وإيجاد حل عادل للقضية الكردية.

 5:الخروج من منطقة الإسترليني.

 6:إطلاق سراح السجناء السياسيين.

 7:تضييق الفوارق بين طبقات المجتمع.

 8:الخروج من الاتحاد الهاشمي مع الأردن.

 9:التقارب الوثيق مع الجمهورية العربية المتحدة والدول المتحررة ومساندة الأقطار العربية التي لازالت تسعى لنيل استقلالها وهذا واضح في خطاباته.

 10:إسناد قضية الشعب الفلسطيني ولعله أول مسؤول عربي يطالب بتأسيس منظمة فلسطينية عسكرية تنهض بأعمال فدائية بدعم من كافة الأقطار العربية وقد اتخذ خطوات تنفيذية من جانبه حين تعهد بتدريب الفلسطينيين في المعاهد والمعسكرات التابعة للجيش العراقي.

 11 :الوحدة العربية هدف مصيري يجب السعي لتحقيقها على مراحل .

 12:الخروج من حلف بغداد.

13:إزالة القواعد البريطانية في العراق.

 14:إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الدول الاشتراكية.

 15 :سياسة العراق الخارجية وعلاقاته تبنى على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.

 16 :تأليف مجلس قيادة الثورة.

 17 :تشكيل حكومة مدنية.

 18:سياسة الحياد الايجابي وعدم الانحياز.

 19:تحديد فترة انتقالية يشرع بعدها الدستور الدائم تجري الانتخابات النيابية يحدد على إثرها شكل الحكومة.

 20:تشكيل مجلس سيادة يقوم مقام رئيس الجمهورية أثناء فترة الانتقال ولذلك حاربوه بكل ما يملكون .

فلقد اتحدت جبهات الشر من الداخل والخارج لإسقاطه ونسف الثورة الفتية ,واليوم تمر ذكرى ثورة 14 تموز الخالدة مرور الكرام على الشعب العراقي وعدم اهتمام المسؤولين العراقيين بها واحياءها , انهم يقتلون الثورة ورجلها مرة أخرى كما فعل أسلافهم غلفوها بالغموض والنسيان وكأنهم يسعون لكتابة تاريخهم المزيف الجديد الملطخ بدماء الشعب العراقي الذي يدفع ثمن حقدهم وتضارب مصالحهم وخلافاتهم التي أسقطت المدن العراقية بيد الإرهاب الداعشي …

لكن ثورة 14 تموز تبقى عنوانا خالدا في تاريخ العراق الحديث ومجدا تليدا يتذكره الشرفاء في هذا البلد الصامد.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق