الجباية تثقل كاهل المواطن التونسي
وكثيرا ما اعترفت الجهات الرسميّة أنّ السياسة الجبائيّة المعتمدة غير فعّالة وليست ناجعة، وأنّ فئات ميسورة لها مصالح اقتصاديّة وتجاريّة لا تلتزم بدفع الرسوم الجبائيّة وإن كانت فئة نادرة تسهم في العمليّة فإنّ نسبتها تكون متدنيّة ولا تطابق القانون، ودون طرح التّساؤلات عن غياب النجاعة والجدوى إذا عرفنا السبب الرئيسي الذي يتمثّل بوضوح في عدم تطبيق السلطات والأجهزة الرسميّة للقوانين على هذه الفئة المتنصّلة التي اعتادت على عدم التقيّد بتلكم القوانين وضرب عرض الحائط بها.
وكثيرا ما تتشدّق قيادات الأحزاب المتصدّرة للمشهد السياسي بالإنتصار لحكاية “العدالة الإجتماعيّة” و”المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع الطبقات”، وفي الحقيقة كلام في كلام وهذر ومذر، وخطابات هي أقرب دوما للجعجعة دون طحين، الأمر الذي ترك “الحبل على الغارب” وأنتج حيفا وظلما في التوظيف الجبائي باتت تظهر آثاره على وضعيّات الموظفين والطبقات الفقيرة و”دون المتوسّطة” التي ما انفكّت تندحر نحو القاع وتتجه نحو هاوية الإفلاس الكلّي وعدم القدرة الكاملة على مجاراة المعيشة بمتطلّباتها البسيطة، السطحيّة والضروريّة.
وكثيرا ما تحدّثت الحكومات المتواترة على أنّ “الإصلاح الجبائي” في صدارة اهتماماتها وفي مقدّمة سلّم أولويّاتها، ولكن لا شيء ظهر على السّطح ولا شيء بان في الواقع، لا شيء غير التسويف والتأجيل للنظر والإرجاء للبتّ، وغير ذلك من سياسة “اكتب على الحوت..”، وهو ما يسفر اليوم عن خلق احتقان اجتماعي وفوران شعبي واحتجاجات واضرابات تنخر اليوم كلّ المجالات وتهدّد اقتصادنا بالإنهيار بالتوازي مع تفاقم مؤشّرات المديونيّة وتقهقر الموازنات العامّة واستفحال العجز في ميزانيّة الدولة وفي الميزان التجاري، وهو من الخطورة بمكان على أهداف مسيرة البناء والتطوير. كلّ مسؤول كبير يتقلّد حكم الدولة ويجلس على الكرسي كان يطلق عبارة “حان الوقت لتكريس العدالة الاجتماعية.”، أستعير ذات العبارات المستهلكة المضمّنة في نفس الجملة المهترئة التي درج على اجترارها أهل السياسة لأؤكّد أنّه فعلا “حان الوقت لإرساء عدالة اجتماعيّة حقيقيّة تنطلق من إرساء إصلاح جبائي حقيقي يشمل ميسوري الحال ايضا هؤلاء الذين اثبت احصائياتنا الرسمية ان غالبيتهم العظمى متنصلون من الواجب الوطني الجبائي منذ استقلال دولتنا عن فرنسا بل حتى قبل عهد “منداس فرانس”.