في إختتام تظاهرة “مبدعون من أجل الحياة”بالجهات الداخلية: منتوج ثقافي وفني وحرفي متنوّع وبعد؟
التي أرادت من خلالها وزارة الثقافة أن تحرّك سواكن الابداع وفي توسّع لهذه التظاهرة لتشعّ على الجهات تعبيرا من كل المواطنين والمبدعين عن تحدّي الظاهرة الارهابية والدعوة للحياة عبر الفن والابداع من المفيد عرض أهم البرامج الختامية لهذه التظاهرة ببعض الجهات كنموذج ،ففي ولاية زغوان كان الاختتام الذي نظمته المندوبية الجهوية للثقافة من معبد المياه بتشريك عدد من الجمعيات الثقافية بالجهة في تأثيث معارض للصناعات التقليدية وللكتاب ولانتاجات ورشات دور الثقافة والمؤسسات التربوية بالجهة الى جانب لقاءات شعرية لكل من حافظ محفوظ،ماجدة الظاهري،لطفي الشابي ومليكة عبد النبي ومعزوفات موسيقية من بينها عرض لسفيان الزايدي .
وفي جندوبة احتضنت ساحة الشهداء بالمدينة العرض الختامي الجهوي الذي أشرفت على تنظيمه المندوبية الجهوية للثقافة والذي تزامن مع الاحتفالات بالعيد الوطني للديوانة فكانت لمسة اعتراف بالجميل لأعوان واطارات الديوانة بالجهة لما يقدمونه من مجهودات مهمة لحماية شريطنا الحدودي من خطري الارهاب والتهريب عبر عدد من العروض الفنية التنشيطية التي تم تشريك عدد هام من أعوان الديوانة في تأثيثها وخاصة المراسم التشكيلية المفتوحة.
كما اختارت المندوبية الجهوية للثقافة أن تعاهد شهداء الامن الرئاسي على الوفاء للوطن عبر لوحات تشكيلية خاصة بهم ليتجلّى الابداع الجهوي في أحلى مظاهره بمشاركة كل مبدعي الجهة في البرمجة وبعرض انتاج مختلف الورشات لمختلف الالوان الفنية أما في الكاف بلد الفن و الابداع فكان السهر مع لمين النهدي في عرضه”ليلة على دليلة” في اختتام اختارته المندوبية الجهوية للثقافة تتويجا لعدد من العروض الفنية المسرحية والموسيقية وتنشيط للشوارع وندوات فكرية ولقاءات حوارية موسيقية مع تشريك للطلبة كفئة مهمة وانفتاح على مختلف مدن وقرى الجهة وخاصة ساقية سيدي يوسف والمناطق الحدودية اعتبارا لرمزيتها النضالية.
أما في سجنان فسعت المندوبية الجهوية للثقافة ببنزرت ومن خلال تركيز أغلب فقرات تظاهرة”مبدعون من أجل الحياة”وعن فكرة شخصية من المندوب الجهوي الاستاذ مراد عمارة لقيت تفاعلا وتناغما من مثقفي ومبدعي وآهالي المنطقة بمن فيهم العصاميين انتاجا وتنظيما على ايصال رسالة للجميع مفادها تحويل سجنان من إمارة سلفية إلى منارة ثقافية من خلال تقديم عدد من المعارض لانتاجات حرفيي وحرفيات المنطقة وعروض فنية موسيقية ومسرحية وندوات ذات طابع دراسي تنموي تم خلالها تشريك عدد من الباحثين المختصين من الطلبة حدّ رفع شعار فني مهم وهو “سجنان: نداء الأرض و الحياة” .
لتؤكّد هذه التظاهرة أنه فعلا هناك بسجنان”من يستحق الحياة”في مدينة عرائس الطين والجمال والابداع ومن جهتها كانت سليانة مع يوم اختتام نظّمته المندوبية الجهوية للثقافة بالمكان وكان تتويجا لعدد من الورشات في الكتابة والتصوير السينمائي والالعاب الشعبية والقولبة والنحت وأيام لتراث الجهة وأخرى للابداع التلمذي وعروض مسرحية وسينمائية وموسيقية توغلت داخل أرياف الجهة واستهدفت خاصة الفئة التلمذية والطلابية وفي قراءتنا لمختلف هذه البرامج التي تابعتها ميدانيا جريدة“الإعلام الجديد” نؤكّد أنها أحدثت بانوراما فنية وابداعية جميلة في مختلف الفضاءات الرمزية التي انتظمت بها بين ساحات الشهداء والجبال والمواقع الاثرية وخاصة الفضاءات الريفية المتعطشة للفعل الثقافي كما يحسب لهذه التظاهرة تشريك كل مبدعي الجهات بل حتى الآهالي في تنظيمها وانتاج محتواها من قبل مختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية غير أننا لاحظنا بعض النقص في التوجّه لفئة هشّة ولكنها مبدعة وهي فئة المعاقين ذوي الاحتياجات الخصوصية وفي هذا الاطار نقترح على وزارة الثقافة اعادة التجربة على أن تتوجّه الى هذه الفئة “المبدعة من أجل الحياة” .
كما يحسب لهذه التظاهرة تنوّع المنتوج الفني وخاصة للورشات في مختلف الفنون والتي نتساءل عن مآلها بعد انتهاء التظاهرة،فهل ستحفظ في أرشيف دور الثقافة؟أو هل سيتم تجميع هذه الانتاجات الحرفية وفي الرسم والصور التوثيقية ضمن متحف للذاكرة الثقافية والابداعية بالبلاد نقترح بعثه ليكون فضاء يزوره السياح حتى يطلعون على التجارب الابداعية لمثقفي ومبدعي وشباب وأطفال تونس في مواجهتهم للمدّ الارهابي عبر الانتاج الفني كما يحق لنا السؤال:ماذا بعد “مبدعون من أجل الحياة؟” .
هل سنعود الى الركود الثقافي ببعض الجهات الداخلية ام هناك قراءة وتقييم لهذه التجربة ستفضي الى اقرار خطط جديدة للعمل الثقافي خاصة بدور الثقافة والمكتبات العمومية التي مازالت في حاجة الى رؤية جديدة لدورها كل هذه الاسئلة التي ننتظر الاجابة عليها من وزارة الثقافة بصفة عملية على أرض الواقع مبررها تخوّفنا منذ الاعلان عن تنظيم تظاهرة”مبدعون من أجل الحياة” من استحواذ الدولة على الابداع بصفة فوقية لا قاعدية باعتبار ان المنظّم لها هو الدولة ممثّلة في وزارة الثقافة والمعروف أن “الدولة لا تصنع الثقافة وإنما تساعد على صنعها ” لتذهب مخاوفنا أدراج الرياح بما أثبتته الوزارة عمليا من قدرتها على تحريك السواكن الابداعية دون التنظيم الفوقي وهذا يحسب لفائدة لجنة تنظيم هذه التظاهرة المتكوّنة من مبدعين أمثال آدم فتحي،عاطف بن حسين ويسر الحزقي ومن اعلاميين ذوي خبرة على غرار سارة الشابي الوهيبي كما لابدّ من التنويه .
وهو ما وقفنا عليه ميدانيا بالمجهود الهام للمندوبين الجهويين للثقافة بالجهات المذكورة الذين وقفوا على كل تفاصيل ومتطلبات انجاح هذه التظاهرة بجهاتهم رغم صعوبات التصرّف المالي والبرمجة المتسرّعة التي نرجو تجاوزها خلال محطات ثقافية أخرى كما نقترح أن يكون بقية الموسم الثقافي الشتوي والصيفي تحت شعار “مبدعون من أجل الحياة” .