“عروق الرمل” عمل كوريغرافي جديد لحافظ زليط يغوص في عمق جماليات الصحراء
وفيها ” يصبح الإنسان أكثر قربا من ذاته وكأنه يتأكد من وجوده على صفحة مرآة كبيرة حيث يدقّق النظر، ويصغي الى دقات قلبه” وفيها أيضا” ندمن على معرفة ذاتنا.. ومعرفة الكون” وسيكون هذا المشروع الثقافي بحجم الصحراء وأسرارها وألوانها التي تتعدد فيها ألوان الحياة بين الميثولوجي و الطبيعي و التاريخي والجمالي عبر طبقات وهو ما يحتاج معه الأمر الى أن تتحوّل المغامرة الى فعل بحثي و فني راقص وملموس”.
وبهذا يدعونا هذا العمل إلى التّجوال في فصول عرض راقص معاصر تتراكم فيه طبقات التاريخ الثمودي وجماليات المكان وتنوّع ألوان الحياة على رمال الصحراء وفي شقوق صخورها ليؤكد العرض أنّ الصحراء تضمّ في أغوارها أسرارا لحضارات مضت وقد آن لنا ان نكشف عن أعماقها و خباياها.
و”عروق الرمل” هو عبارة عن مشهديّة راقصة تعتمد بالأساس على حبكة دراميّة متناقضة بين طرفي صراع الإنسان و الطبيعة ليكون محوره الوجود ( الروح أي الإنسان) و فضائه الصحراء عبر فرجة حيّة ومباشرة تعتمد لغة البدو و تعابيرهم الطقسيّة الراقصة عبر خلق لعبة دراميّة راقصة أصيلة في مفرداتها أقرب للعروض التراجديّة الحيّة بأسلوب معاصر تعتمد الرقص و الموسيقى و الشعر البدوي كمحامل أساسية للعرض للتعبير عن عالم رمزي و سحري أي عالم يمتزج فيه المنطوق الحركي بالمسموع الطبيعي من مؤثّرات صوتيّة مأخوذة من المحيط الطبيعي للعرض إلى الموسيقى المسجلة ليحيل العمل على حقل دلالي هو حقل الزهد و التصوّف و التوحدّ بالطبيعة و يتجسّد هذا في الشخصيات الحيوانيّة و المناخ السينوغرافي ككل و هو حقل رمزي أقرب إلى المناجات و الشعر و الرقص .
أما أهداف هذا المشروع فهي تقوم على مواصلة صاحبه الفنان حافظ زليط للتجريب الادائي الذي طبع مسيرته الفنية عبر أهم أعماله السابقة و ذلك بالإنفتاح على رؤية كوريغرافية معاصرة تبحث عن تطوير كتابة ذاتية تنهل من المحلّي و تهتم بفرداته الفنّية.
إلى جانب الإنفتاح على الموروث الثقافي و الحضاري الصحراوي لتطوير أساليب سردية محلية لتأصيل تجربة كوريغرافية جديدة برؤية إنسانية بعيدا عن النضرة الفلكلورية الممجوجة. كما يسعى صاحبه الى تحقيق لذّة و متعة ذهنيّة و بصرية و وجدانيّة في إطار مشروع كوريغرافي يحتوي على العديد من المقوّمات الفرجويّة انطلاقا من التيمّمات إلى الأحداث إلى شخصيات في فضاء طبيعي و خيالي ممتدّ في صحراء الجنوب التونسي مع ابراز ما يزخر به الفضاء من التّنوع في الرّموز و التّعابير الثقافية على مستوى الحركة و الموسيقى و الملبس.
كما يتنزّل هذا المشروع في الإطار العام لمبحث فنّي خاص بصاحبه بحثا عن الإختلاف بما هو بحث في جماليات محليّة وفكرية في” مثيولوجيا الصحراء” ولكن برؤية جدّ معاصرة تحققّ هويّة سرديّة متفرّدة وتستلهم من المكوّنات البيئية الصحراوية و أيضا تميط اللّثام عن بشريّة احتجبت دائما وراء اللّثام وهم “الطوارق” وكذلك بهدف إماطة اللّثام عن أسطورة تستقي أبعادها الرّمزية من الفضاء البيئي و الإنساني لصحراء شمال إفريقيا و هو نبش لإبراز الطبيعة الطوطميّة للإنسان المعاصر بأسلوب غرائبي يمتزج فيه السحري والغرائبي بالرّمزي.
وتقوم منهجية العمل ضمن هذا العرض على 3 مراحل أساسية وهي العمل و البحث مع الراقصين في كتابة الحركة و ذلك بإثراء المراقبة و التمعّن في المقترحات الإرتجاليّة و ربطها بالأفكار الأساسية للعرض ثم تركيب الجمل الكوريغرافية مع الموسيقى المحليّة و البحث على المأثّرات الصوتيّة من البيئة الصحراوية و ذلك انطلاقا من ولاية تطاوين فجمع كل عناصر العرض من سينوغرافيا و إضاءة و ملابس و تقديمها في عرض متكامل جامع لمعاير الفرجة.