إصدار مجموعة”خدود الصبار” للشاعرة عنان عكروتي
وقد أهدت الكاتبة هذه المجموعة الى كل من اثر فيها خاصة والديها اللذان كرمتهما واعترفت لهما بفضل وجودها وزوجها وولديها وكل أحبتها ورفاق مشوار حياتها فخاطبتهم بلغتها التي طبعت أغلب نصوص الكتاب لتقول: أبي، لولاكَ ما كنتُ أنا أمي، لستُ إلا أنتِ مُبللة بي طارق، وعْد لا ينتهي و مواسم لا يقْربُها النسيان راسم و ريان، ما كُنتما إلا لأكونَ أحبّة القلب و رفاق التعب، أنتم وأنا وطن سَيُشرق بِنا يوما.
كما احتوى الاصدار على 36 قصيدة برز فيها التنوع في تناول المواضيع وبناء القصائد وخاصية الكتابة الشعرية لمختلف النصوص حيث يتجلى بوضوح أسلوب الشاعرة الخاص بها في تجديد بناء النص مبتكرة نسقا وموسيقى تشدّ القارئ وربما تغريه بالرجوع الى النص مرات أخرى تمنحها التعرف والاستئناس الى نمط شعري جديد يخرج عن السائد في المشهد الأدبي التونسي المعاصر ويتجلى هذا التجديد في المصطلح اللغوي والفنّي و الجمالي على غرار ما جاء في هذا المقطع من نص “أنا…أنت”: أنا اتَّخَذْتُ الخريفَ نبِيّا، يُرَتِّلُني بكَ، فاصِلٌ ما قبل الوِلادة.. يصوّبنا نحو فصل خامس لا يتّسِع إلاّ لهروبكَ إِلَيْ أتقدَّمُكَ أين ما ولّيتَ، فَتَنْبُتُ بمَفاصلي، بتفَاصيلي، أنَا.. أنتَ.. أولى علامات الرّبيع .
وقد يستغرب القارئ علاقة النصوص بالعنوان الذي اختارته الشاعرة لمجموعتها الا أنّه سيجد بعد قراءته لهذه المجموعة أن العنوان يعكس عمق المعنى العام لمختلف القصائد و أن للصبار خدودا ومواطن للجمال كان يجهلها وربما أيضا فلسفة لا تبرز الا بالغوص في صميم مختلف النصوص.
هي مجموعة تعكس نمطا شعريا بدأ يتشكل عند شاعرة تحاول أن ينحت بصمة خاصة بها في مشهد أدبي غاب فيه الاثراء و التجديد ليقف القارئ على زخم الدلالة وكثافة الرمز في مختلف النصوص وجنوح الى تطويع قاموس الطبيعة لإثراء الصورة الشعرية مما أكسبها تفردا ونسقا جديدا لم يتعوّده النص الشعري سابقا.
هذا الاصدار تنتشي فيه قصيدة النثر وتأخذ مكانتها الجديرة بها كجنس أدبي حديث له مكوناته الجمالية وأبعاده الفنية الخاصة به.