إعصار هارفي و ورطة ترامب
تصاحب الأعاصير عادةً أمطار غزيرة وفيضانات وسيول وصواعق برقية و رعدية،كما تتسبب الأعاصير في ارتفاع الأمواج إلى حد إغراق السفن و المنشئات البحرية، والأعاصير هي عواصف تتكون في المحيطات الواقعة في المناطق المدارية من سطح الأرض.
ويسمى الإعصار الذي يتكون في المحيط الهادئ والذي يضرب مناطق جنوب شرق آسيا Typhoon و يسمى الذي يتكون في المحيط الأطلسي ويضرب الولايات المتحدة الأمريكية Hurrican أو Oragon .
أعاصير المحيط الأطلسي هي منخفضات جوية عميقة تتكون على السواحل الإفريقية الاستوائية من المحيط وتتحرك إلى الغرب متغذية من المياه الساخنة لطبقة العلوية للمحيط لتصل إلى الشواطئ الجنوبية الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية وتسير إما شمالا بمحاذاة الساحل الأمريكي .
حيث تسير أكثر قسوة وعنفاً أو في أفضل الحالات تعبر غربا نحو الولايات الجنوبية أو المكسيك حيث يحد المناخ القاري من قوتها .
ويبلغ قطر الإعصار عدة مئات من الكيلومترات وينتقل بسرعة لا تزيد عن 30 كيلومترا في الساعة وعين الإعصار أو مركزه هي منطقة هادئة لا يتجاوز قطرها عدة كيلومترات تحيط بها بعدها دائرة نشاط الإعصار وهي منطقة تمتد عشرات الكيلومترات للخارج تتلبد في سمائها غيوم كثيفة وسميكة مشبعة ببخار الماء وتهطل منها أمطارا غزيرة متواصلة (قد تزيد عن خمسمائة مليمتر خلال بضعة ساعات ) مصحوبة بالبرق والرعد وتزمجر فيها رياحا عاتية قد تزيد سرعتها عن ثلاثمائة كيلومتر في الساعة.
ويستمد الإعصار طاقته من الشمس حيث تسقط أشعتها القصيرة التي على سطح البحر فتسخن الماء ويتبخر ويرتفع إلى الأعلى فيبرد ويتكاثف محررا الطاقة الحرارية التي تتحول إلى طاقة حركية تدير الإعصار.
لذا تخف حدة الإعصار وقوة تدميره إذا اتجه نحو اليابسة بينما يصبح أكثر عنفا إذا بقي مساره قريبا من البحر وتبلغ فترة حياة الإعصار حوالي ثلاثة أسابيع ويموت بعيدا آلاف الكيلومترات عن موطن ولادته.
عندما تتجاوز سرعة الرياح 119 كم في ساعة يصبح من الممكن تصنيفها كإعصار ،وتقاس قوة الأعاصير وفق مقياس سفير سيمبسون الذي يصنف من 1 إلى 5 حسب درجة شدة الرياح التي تتراوح من 119 كم إلى 270 كم في ساعة .
ترامب و المناخ
من عجيب المفارقات أن يقع مثل هذا الحدث الوثيق الصِلة بتغير المناخ في ولاية تكساس التي تعد معقلا لعدد كبير من منكري تغير المناخ، وحيث يعتمد الاقتصاد بشِدة على النفط الذي يعد السبب الرئيسي لانحباس الحراري.
أميركا والعالم يدفعا ثمنا باهظا للتفاني في الإيديولوجية المتطرفة المناهضة للحكومة، والتي يتبناها الرئيس دونالد ترمب وحزبه الجمهوري.
ويدفع العالَم الثمن لأن الانبعاثات الغازية المتراكمة المسببة للانحباس الحراري الكوكبي التي تطلقها الولايات المتحدة أكبر من تلك التي تطلقها أي دولة أخرى وحتى يومنا هذا، تظل الولايات المتحدة ضمن قادة العالَم عندما نتحدث عن نصيب الفرد من الانبعاثات الغازية المسببة لهذا الانحباس.
ولكن أميركا أيضا تدفع ثمنا باهظا، ويبدو أن دولا أخرى -حتى من الدول النامية الفقيرة مثل هايتي و البيرو تعلمت (بتكلفة باهظة غالبا وبعد كوارث كبرى) إدارة الكوارث الطبيعية بشكل أفضل. ففي عام 2005 دمر إعصار كاترينا ولاية نيو أورليانز، وفي 2012 تسبب إعصار ساندي في إغلاق قسم كبير من مدينة نيويورك العاصمة الاقتصادية لولايات المتحدة .
والآن بعد أن دَمَّر إعصار هارفي ولاية تكساس؛ تستطيع الولايات المتحدة -بل ينبغي لها- أن تقوم بعمل أفضل لا يملك المرء إلا أن يتمنى ألا تحتاج أميركا -وغيرها من الدول- إلى المزيد من الكوارث الطبيعية الكفيلة بإقناعها بان التغيرات المناخية أمر واقع و حتمي ، قبل أن تبدأ في التعامل بجدية مع الدروس المستفادة من إعصار هارفي.