ملحمة”خضراء” التونسية في مهرجان الشارقة للمسرح
وملحمة”خضراء”التي يشارك في آداء أدوارها عدد من نجوم الدراما والمسرح على غرار دليلة مفتاحي ، صلاح مصدق ،نور الدين العياري، كمال العلاوي، نادرة لملوم ،صالح الجدي ،سهام مصدق ،عبد اللطيف بوعلاق ،محمد توفيق الخلفاوي،بلقاسم بلحاج ،محمد بوبكر ،شيماء توجان و بسام بنحمادي الذي أخرج وكتب سيناريو العرض الفني ” صهيل “الذي عرض مؤخرا في افتتاح فعاليات الدورة 35 للمهرجان الدولي للتمور.
حيث تضمّن هذا العرض الاستعراضي مجموعة من اللوحات الفنية المسترسلة وعبر فسيفساء تجتمع فيها الأشعار بالموسيقى والرقص حملتنا إلى عالم الشاعر الكبير احمد البرغوثي هو أحد أشهر الشعراء الشعبيين بالجنوب التونسي إذ ينسب إلى قرية البرغوثية التابعة إلى ولاية قبلي وقد عاش في الثلث الأول من القرن العشرين وفي استعراض لمسيرته عبر سرد اهم الاغراض الشعرية التي كتبها واشعاره التي رسخت في الذاكرة والتي تلخّص حياته وعلاقته بوالديه وغربته ومواقفه السياسية في فترة دخول المستعمر لتونس كما استعرض العمل قصص عشق المحتفى به وعلاقاته برفاقه وصولا الى وفاته عام 1934 وذلك على ايقاعات صهيل الخيل المدوّية في شدّتها وقوتها وحدّتها حيث كان المحتفى به كالفرس لا جماح تكبح لديه .
فقد كان شديد الترحال و كان يصدح بإشعاره التي تملئ الدنيا وتشغل الناس في كل رحلاته وصولاته وهو يكتب أشعارا في مختلف الاغراض عبر صورة شعرية قوية تجمع بين حبكة الكلمات وبلاغتها أما ملحمة”خضراء” التي ستمثّل بلادنا في مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي بالإمارات فهي عمل فني جاء في شكل فسيفساء تحاكي السيرة الهلالية في صياغة شعرية لحاتم الغرياني واعادة صياغة للشاعر بشير عبد العظيم ومن خلال نص تراثي تتخلله مجموعة من الآغاني في آداء للفنان لطفي بوشناق وعبر موسيقى تصويرية لرضا بنمنصور يتقاطع فيه الملحمي بالشعبي.
وتختزل فيه كل الأجناس الفنية والإبداعية بدءا بكتاب “الجازية الهلالية ” الذي قدم فيه هذه السيرة لمحمد المرزوقي وصولا إلى ما صاغه وجمعه الشاعر المصري الراحل عبد الرحمان الابنودي من أناشيد وأهازيج وحكايات شعبية عن هذه الملحمة تم تناوله بطرائق مختلفة وعديدة.
ويشارك في هذا العرض الموسيقي الملحمي المتكامل عدد هام من الفنانين من موسيقيين وممثلين يبلغ عددهم حوالي 500 فرد أثثوا عملا فرجويا ضخما وملحميا وهو بمثابة رحلة في تفاصيل الحياة البدوية تعيد إلى الأذهان سير الأجداد وبطولاتهم وقيم الشهامة والأنفة التي يتميزون بها خاصة خلال مرحلة قدوم بني هلال الى افريقية واستقرارهم بها وقد اجتهد المخرج في حسن اخراج هذا العمل والقيام خاصة بعملية إسقاط لوقائع الماضي على ما يقع اليوم من أحداث آنية .
حيث تدور أحداث الملحمة في زمن تعيش فيه أهالي البلاد التونسية حالة من الرعب والبؤس الذي استشرى بصفة ملحوظة جراء سطوة حكم خليفة الزناتي وجبروته ويكون قدوم بني هلال للإقامة بأرضهم حدثا كبيرا فيخيرهم الحاكم بين الجباية أو المغادرة وإزاء رفضهم لهذه الشروط، يغير عليهم جنوده ويسلبونهم إبلهم ومواشيهم .
ويتم اسر أبي زيد الهلالي وهو ما فتح الباب أمام نشوب معركة حامية الوطيس لإنقاذ بطل القبيلة واسترجاع شرفها المهدور لتنتهي الملحمة بهزيمة الزناتي وانتهاء عهد الظلم فتستعيد الأرض خصوبتها بعدما كانت جرداء قاحلة وتغدو خضراء يانعة.