تنمية المناطق الحدودية المغاربية: مدخل للبناء المغاربي
تعتبر مشاكل الحدود بوابة للتواصل والحوار البناء والشفاف بين الدول المغاربية، وأحد الرهانات الأمنية و الاقتصادية و الاجتماعية، والتي من شأنها أن تحول المناطق الحدودية ،من بؤر للتوتر والجريمة المنظمة والإرهاب والتهريب والمخدرات وتبيض الأموال، إلى بوابات إستراتيجية،ووسيلة للتطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، كما يمكن تحويلها إلى إحدى أدوات التكامل والوحدة والبناء المغاربي.
ولأجل ذلك جاءت هذه الدراسة المتواضعة، كمحاولة لاستشراف مستقبل جديد للمغرب الكبير، يتطلع الى الاهتمام بالعمل الإقتصادي والتنموي ،من خلال تأسيس مشروع جديد يسلتهم ويستأنس بالتجارب العالمية والإنسانية وخاصة الأوروبية، والنخب الأكاديمية ومراكز البحوث والدراسات والمجتمع المدني مدعوون ومطالبون بتقييم التجربة السابقة ،والتفكير لإعادة البناء المغاربي بتقديم الاقتراحات والمقاربات والقراءات وخريطة طريق، بغية الاستفادة من الأفكار والمشاريع التي طرحت ودعت للوحدة المؤسسة وإلى التكامل الاقتصادي،فما هي مراحلها ؟ وكيف كانت العلاقات المغاربية ؟ وما هي سبل لتطويرها وتنمية المناطق الحدودية المغاربية ؟
وسنعتمد منهجي التقصي والتحليل، في تتبع مسار تنمية المناطق الحدودية المغاربية من الدراسات والأبحاث العلمية والأكاديمية التي تناولت الموضوع والنتائج المتوصل إليها لتطويرها .
أولا-المرحلة الأولى :النضال الوطني(1830-1962):التضامن ،الحلم المغاربي.
1-الفترة الأولى (1830-1954) :التضامن.
التطرق لهذا الموضوع يتطلب منا العودة إلى التاريخ وقرأته واستلهامه،وخاصة خلال فترة الاحتلال الفرنسي التي رسمت فيها الحدود بين البلدان المغاربية، والعلاقات بين دول المغرب العربي عريقة نسجها التاريخ والمصير والنضال المشترك، وتجذرت كرد فعل على دخول الفرنسيين للأراضي المغاربية.
ولقد تحولت المناطق الحدودية إلى قلاع للثقافة والتعليم والاقتصاد والتجارة، من قبل الزوايا والطرق الصوفية ورجال الدين، كرد فعل على سياسة التجهيل والتفقير والإقصاء من قبل الفرنسيين، وأُسست المدارس لنشر العلم والمعرفة والوعي الحضاري ،وقامت بدور ثقافي تعليمي اجتماعي باستقبال الهاربين من الإرهاب والفرنسيين .
وفي هذا الإطار لعبت المنطقة الحدودية التونسية الليبية ،دورا هاما خلال فترة الغزو الايطاليلليبيا سنة 1911، ودعمت اللبيبين ومدتهم بالأسلحة والذخيرة المئونة والمجاهدين والمتطوعين ،كما احتضنت المبعدين السياسيين الهاربين من بطش وإرهاب المحتلين الفرنسيين والايطاليين والأسبان، وساعدت الحركات التحريرية الوطنية المغاربية في كفاحها المسلح، من أجل استرجاع الاستقلال التونسي والمغربي في مارس 1956.
2-الفترة الثانية (1954-1962) : الحلم المغاربي.
اندلعت الثورة الجزائرية في 1 نوفمبر 1954،مثلت منعرجا ومحطة وحدثا هاما ساهمفي تغيير الأجندة والإستراتجية والخريطة -جيو سياسية الفرنسية ببلدان المغاربية، وأجبرت الحكومة الفرنسية على الدخول في مفاوضاتمكرهة مع كل من تونس والمغرب، كللت باسترجاع الاستقلال التونسي والمغربي في مارس 1956 ،للانفراد بالثورة الجزائرية، ثم العودة إلى تقويض الاستقلال التونسي والمغربي ، و قد اكتشفت كل من الحكومة التونسية والمغربية هذه الخطة وتبين لهم بان استقلالهملا معنى له ،في ظل وجود الحرب الدائرة رحاها بالجزائر،وجود الجيش الفرنسي بالأراضي التونسية المغربية ،ودخلت في مفاوضات جديدة مع الفرنسيين ،لإيجاد حل عادل،يعيد الاستقرار والسلام والأمن للجزائر و المنطقة المغاربية، ولهذااتفقت كل من المملكة التونسية والمملكة المغربية والحكومة الفرنسية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية ممثلة للشعب الجزائري، على عقد ندوة بتونس بتاريخ 22أكتوبر1956، وتم حينها مناقشة وعرض مشروع الكنفدرالية أو إتحاد شمال إفريقيا في ظل التكافل مع الدولة الفرنسية، ولكن وقع ما لم يكن في الحسبان، وأحيكت ودبرت مؤامرة وتمرد في ظلام الليل، وأجهضت مشروع الندوة باختطاف القادة الجزائريين في 22اكتوبر1956 ،من قبل المتطرفين والمعمرين والجيش الفرنسي بالجزائر.
اعتبرت كل من الحكومة التونسية والمغربيةهذه العملية اعتداء على السيادة الوطنية، ونددوا بها واقتنعوا بأن الحل السياسي لا يكفي، ولابد من تدعيمه ومزاوجته بالحل العسكري، وقرروا دعم الثورة الجزائرية على كافة المستويات من (1956-1962)، وتحولت المناطق الحدودية إلى قواعد خلفية (الشرقية بتونس والغربية بالمغرب) ،ومراكز ومعسكرات للتدريب ،ومخازن ومسالك دخول المجاهدين من وإلى الجزائر، وتهريب الأسلحة والمؤن ،ومخيمات لاستقبال اللاجئين، وبذلك أضحت المناطق الحدودية الرئة والشريان الذي تتنفس منه الثورة الجزائرية، ولقد تفطنت الحكومة الفرنسية لذلك ،وعرضت على الدولة التونسية عن طريقة الوساطة الأمريكية -البريطانية سنة 1958 ،نشر قوات أممية لحفظ السلام على طول الحدود التونسية الجزائرية،ولكن الحكومة التونسية رفضت المشروع جملة وتفصيلا لأنه يقتل الثورة الجزائرية .
عاشت المناطق الحدودية الحرب التحريرية الجزائرية الفرنسية (1955-1962)، ودفعت ثمنا باهظا؛ بسبب تأييدها ومساندتها، ومؤازرتها للثورة الجزائرية، ولقد رددت الإدارة الفرنسية عليها بالحصار الاقتصادي والمالي، وتقييد حرّكة المواطنين؛ ممّا تسبّب في ضياع أرزاقهم، وتجويع السكان، بيد أنّ هذه السياسة لم تفلح، وتمّ تغييرها بسياسة المداهمات والاعتقالات والاختطافات والتقتيل والتعذيب والاستيلاء على الأرزاق – وسبي –النساء؛ بحجّة ملاحقة الثوار الجزائريين تارة، ومعاقبة السكان تارة أخرى، باكتساح وتوغل الجيش الفرنسي القادم من الجزائر والمقيم بتونس والمغرب ، لم تؤدي إلى نتيجة، فتمّ الاستعانة بالطائرات الفرنسية القادمة من الجزائر؛ لقصف وتهديم المنازل، وتشريد السكان، وقتل رعاة الأغنام والأبرياءوالعزل لخلق فتنة بين المناطق الحدودية والمجاهدين الجزائريين.
لقد عاشت المناطق الحدودية التونسية والمغربية الحرب الجزائرية، مثلما عاشتها المناطق الجزائرية، ولم تعرف السلم والاستقرار إلاّ عندما استقلّت الجزائر في جويلية 1962، وقدّمت الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين في السجون الفرنسية بالجزائر، كلّ هذا من أجل تثبيت الاستقلال التونسي والمغربي، واسترجاع الاستقلال الجزائري .
ثانيا- المرحلة الثانية الدولة الوطنية والقطرية (1962-2011) :الانقسام ،الاختلاف ،المخاض ،التشكل
1-الفترة الأولى (1962-1979) :الجمود ،الاختلاف ،الانقسام.
استرجعت الدول المغاربية استقلالها ،وورثت تركة ثقيلة من النظام الكولونيالي، من الفقر والجهل والتخلف والتصحر السياسي والثقافي، وحدود ملغمة ومفخخة وغير مرسمه وقنابل وألغام قابلة للانفجار في أي للحظة، ودخلت المنطقة في الصراعات والنزعات الهامشية فيما بينها، هذا إلى جانب غياب المشروع السياسي، واختلاف الأنظمة السياسية ، بين الجمهوري والملكي و اشتراكي والليبرالي والرأسمالي وغيرها من التسميات، فضلا عن الاحتقان الداخلي والتصفية والتنكيلا بالمعارضة والتطاحن والانقسام .
انعكست هذه الأوضاع سلبا على المناطق الحدودية، إذ أغلقت الحدود ودقت طبول الحربمثل حرب الرمال 1963 وغيرها ، وعاشت الحرب الباردة ،وعانت التهميش والإقصاء والبطالة وضعف التنمية، وامتهنت التهريب، وتنكرت لها الدولة الوطنية والمغاربية ،ولم تعترف لها بنضالها الوطني والمغاربي وحقها في التنمية والرفاهية والعيش الكريم .
2-الفترة الثانية (1979-1992) : العصر الذهبي، الانتعاش ،التشكل ،التأسيس.
اعتبرت هذه الفترة العصر الذهبي والتحولات ،ونهاية الحرب الباردة والتطاحن والاختلاف والانقسام، وبرمجت فيها اجتماع هام بين كل الرئيس الجزائري الهواري بومدين والملك المغربي الحسن الثاني ببروكسل بلجيكا بواسطة دولة أوروبية ، ولكن مرض الرئيس الجزائري ثم موته حال دون عقد الاجتماع ،وفوت على المنطقة المغاربية فرصة ذهبية لحل القضايا العالقة وخاصة الصحراء الغربية ولفتح صفحة جديدة في العلاقات المغاربية ،وتولي الرئيس الشادلي بن جديد زمام الحكم بالجزائر سنة 1979 بعد وفاة الرئيس الهواري بومدين (رحمة الله عليه)، وتغير النظام السياسي من اشتراكي إلى ليبرالي رأسمالي، وتحسنت العلاقات المغاربية،وفتحت الحدود واستأنفت شبكة السكة الحديدية نشاطها بين تونس والجزائر والمغرب، وعرفت المنطقة الحدودية حركية ونشاطا ،ومشاريع مشتركة مثل الحدود التونسية الجزائرية، وإبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية، وبقيت أغلبها في أدراج المكاتب والرفوف وحبرا على ورق، وكللتبقمة المصالحة بزرالدة بالجزائر 1988، وبتأسيس الاتحاد المغرب العربي بمراكش في فيفري 1989 ،بولادة قيصرية ومشوهة،واستنسخت فيها تجربة الجامعة العربية السيئة الذكر، بتنقية الأجواء وطرح كل شيء للنقاش.
بالإضافة إلى تعيين الأستاذ عبد الحميد مهري سفيرا للجزائر بالمملكة المغربية، وهوشخصية وازنة ذات بعد مغاربي، وكادت قضية الصحراء الغربية أن تجد حلا اثر تضافر الجهود بين الرئيس الجزائري الشادلي بن جديد والملك المغربي الحسن الثاني، ولكن أجهضت هذه المساعي من لوبيات وأطراف خارجية ، وبإقالة واستقالة الرئيس الشادلي بن جديد من الحكم سنة 1992 ،وعادت المنطقة المغاربية إلى الحرب الباردة من جديد، وأغلقت الحدود وتدهورت العلاقات المغاربية، ودخلت الجزائر والمنطقة المغاربية في العشرية السوداء والصراعات الداخلية وفيدوامة من العنف والإرهاب.
3-الفترة الثالثة (1992-2011) :الانتكاسة ،الحرب الباردة ، العنف، الإرهاب .
أجهضت إطراف خارجية ولوبيات حلم الوحدة المغاربي مرة ثانية، إلى جانب ظهور عامل جديد على الساحة ومعرقل ومثبت لمسيرة التكامل والبناء والوحدة المغاربية، وهو الإرهاب المعولم، ودخلت المنطقة المغاربية في الحرب الباردة من جديد، وعطلت المشاريع المشتركة وجمدت الاتفاقيات ، وتدهورت العلاقات، ولكن الأمل والروح عادت إلى الحلم المغاربي، بتولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الحكم بالجزائر وتطبيقمشروع الوئام الوطني المدني في ديسمبر2005 ، وحاول إصلاح الوضع مع الزعماء والمغاربة ،وتفعيل العلاقات وإعادة الروح إلى الاتحاد المغرب العربي، الذي ظل في موت سريري، وعلى الرغم من ذلك بقيت العلاقات متوترة ،والحدود مغلقة ،والمناطق الحدودية على هامش التنمية وتعاني التهميش والتفاوت وغياب التنمية.
في حين أنها تمثلالعمق الحقيقي للبلدان المغاربية، مما جعلها أولى المناطق المنتفضة في كل احتجاجات اجتماعية ، مثل انتفاضة الحوض المنجمي بمنطقة قفصه (بالجنوب الغربي)على الحدود التونسية الجزائرية سنة 2008، وانتفاضة بن قردان (بالجنوب الشرقي)على الحدود التونسية الليبية سنة 2009، وفي ظل غياب التنمية والتشغيل،تحولت إلى مناطق للتهريب والإرهاب والاقتصاد الموازي والبطالة ،وخزانا للتجنيد وللاستقطاب الشباب المغاربي المغرر بهم من قبل الحركات الإرهابية والمتطرفة ،مثل داعش وغيرها من الحركات المتطرفة، والهجرة عبر قوارب الموت إلى أوروبا.
ثالثا- المرحلة الثالثة(2011الى يومنا ) : عودة الوعي، الأمل، المراجعة، التشكل
عرفت المنطقة الحدودية المغاربية ،التهميش ونقص التنمية وفشل المنوال التنموي ، والاستبداد والإقصاء والتفاوت الجهوي بين المناطق، وغياب الديمقراطية وتصفية وتنكيل بالمعارضة، كل هذا كان خميرة كل الاحتجاجات والانتفاضات والثورات الشعبية التي عرفتها المنطقة ، مثل ثورة تونس جانفي 2011،وليبيا فيفري 2011، مما ادخل المنطقة المغاربية في اضطرابات وهزات أمنية وثورات مضادة ،انعكست سلبا على المناطق الحدودية، إذظلت العلاقات المغاربية متوترة والحدود مغلقة.
شهدت المنطقة المغاربية حراكا، وطالبت بحقها في التنمية والتشغيل، وأصبحت مصدرتهديد للأمنالسلموالاستقرار في الدول المغاربية، بدخول عامل الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات والكحول وتبييض الأموال والهجرة السرية عبر قوارب الموت.
أصبحت المنطقة المغاربية لا تتحمل الهزات واضطرابات جديدة، وهي مطالبة بمقاربة وقراءة استشرفيه ،وبخطة طريق متمثلة في عدة نقاط ،وبنموذج ومنوال جديد للتنمية، وبالعمل والتنسيق المشترك والجماعي، لإبعاد شبح الإرهاب والانقسام والتدخلات الخارجية ، وكذلك أضحت مطالبة بوضع مشاريع مشتركة وثنائية ،وبمناطق حرة ،وبسن التشريعات والقوانين ،تحفز سكان المنطقة الحدودية على المشاركة والدخول في الدورة الاقتصادية، وتشجيع رجال الأعمال بالاستثمار في هذه المناطق، وإعادة تصنيع الثروات الباطنية بالداخل، وعدم تصدريها خام ،مثل الفوسفات والكربونات والصوديوم والزيت الزيتون وغيرها من المواد، وكذلك إحداث ألاقطاب اقتصادية والصناعية والفلاحيه ،حسب اختصاص الجهات.
ومن الضروري كذلك الاستلهام والاستئناس بالتجارب العالمية والإنسانية، مثل نموذج مقاطعة سارلاند الالمانية ،الواقعة على الحدود الالمانية الفرنسية ،التي تحولت إلى قطب اقتصادي ناجح لتصنيع الطائرات ايرباص، وهي تجربة ناجحة وقابلة لتطبيق إن صدقت النوايا ،و تشجيع الاستثمارات الخارجية، بإعداد وتهيئة البنية التحتية بالمناطق الحدودية، وبالتفتح على دول أخرى غير الاتحاد الأوروبي وفرنسا، مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول، وبالانضمام إلى اتفاقية طريق الحرير الصيني ،وقدأبرمت الحكومة التونسية معهم اتفاقية مشروع،متمثلة في تشيد قنطرة في البحر بين الجيم والجرف ومد خط سكة الحديدة الرابط بين قابس مدنين جرجيس على مسافة بطول 140كلم وبإحداث منطقة حرة وصناعية بينمنطقتي جرجيس وبن قردان الواقعة الحدود التونسية الليبية.
في إطار العولمة والتنافس والصراع الدولي و التموقع بين القوى الإقليمية، كل هذا يفرض على الدول المغاربية إعادة قراءة الواقع الدولي ،وبناء جسور الحوار والمصالحة والتوافق والتفاوض، وتغليب المصلحة العامة، والعالم أصبح قرية صغيرة ،لا مكان فيه للدول الصغيرة وضعيفة ، وكلفة للامغرب باهظة على الشعوب والدول المغاربية.
ونستبشر خيرا بالمستقبل الجديد للمغرب العربي الكبير، بعد فتح الحدود الجزائرية الموريتانية، وهي بادرة خير بما تحققه من نتائج هامة للمستثمرين والمواطنين، ولها أهمية في الحاضر والمستقبل بالمناطق الحدودية في الاندماج المغاربي،ولابد من تنميتها لسد الفجوات مثل البطالة والفقر، التي تستغلها الشبكات الإجرامية في الأعمال الإرهابية والتهريب والجريمة المنظمة وتبييض الأموال.
ولعل دعوة الملك المغربي محمد السادس، للدولة الجزائرية للحوار وبفتح صفحة جديدة ،وبالرد الجزائري الايجابي بدعوة الأمين العام لاتحاد المغرب العربي ،إلى توجيه دعوة لمجلس وزراء خارجية الدول المغاربية إلى الانعقاد والاجتماع، أتمنى أن تثمر هذه الجهود والمساعي ،إلى إعادة البوصلة إلى العلاقات والمغاربية وإحياء منظمة الاتحاد المغرب العربي ، وإعادة النشاط والحراك بتفتح الحدود الجزائرية المغربية ،وبعود الأمن والاستقرار إلى الحدود التونسية الليبية، بعد المد والجزر ،وتفعيل الاتفاقيات الثنائية والجماعية والمصادقة عليها، وخاصة تطبيق اتفاقية إقامة منطقة التبادل الحر بين دول الاتحادالمغاربي المبرمة والموقعة بطرابلس في جوان2010، والتي تشمل في البداية المنتجات الفلاحية .
تبقى المناطق الحدودية التونسية الجزائرية ، بصيص أمل وتجربة ناجحة إلى حد ما والمراكز الحدودية والمعابر مفتوحة لم تغلق وعددها تسع،وهنالك تنسيق تونسي جزائري على مستوى الحكومي، والتي خولت الولاة المناطق الحدودية بالتنسيق فيما بينهم، والاختيار المشاريع المشتركة، وقد شكلت وأسست وما يعرف بخمسة زائد خمسة ، ووهي مدخل للبناء والتكامل الثنائي في غياب الجماعي، ولابد من المزيد الاهتمام والتركيز خاصة على بالجانب الاقتصادي والتجاري ، بفتح المزيد من المعابر والمراكز الحدودية الجديدة، وخاصة بمنطقة الجنوب الشرقي التونسي والجنوب الجزائري ،الأول في ولاية قبلي برجيم معتوق، والثاني في ولاية تطاوين ،مع كل من ولاتي الوادي وورقلة ، وإدخالهما إلى مجموعة خمسة زائد خمسة ، وبإحداث أقطاب فلاحيه وصناعية حسب اختصاص وإحياء طريق الصحراء التجاري واستغلال الطاقة النظيفة الشمسية.
لقد تميزت المناطق الحدودية المغاربية،بحساسية دقيقة وطليعية في التغييرات الجغرافية، تمثل المدخل الصحيح لاستشراف الحوادث والظواهر، التي قد تخلّ بأمن وسلامة البلدان المغاربية، وظل غياب المشاريع وسياسات تنموية ،والتي تتولد عنها مشاكل جمة، ولمعالجتها لابد من فتح المعابر الحدودية المغاربية ،تعتبر من الأولويات التي لها إستراتيجية وأبعاد استشرافية وأمنية واقتصادية،وتمثل تنمية المناطق الحدودية حاضنة اقتصادية، ذات بعد استراتيجي،ويوفر فتح الحدود البرية المغاربية فرصا هامة واعدة للقطاع العام والخاص من أجل التطور والتواصل، ويوفر شراكة هامة بفتح الأسواق المغاربية على بعضها البعض، ومن نتائجها إحداث فرص عمل للشباب ،والقضاء على هجرة قوارب الموت، والتغرير بهم من طرف الحركات الإرهابية والمتطرفة .
خاتمة
لابد من تفعيل اتفاقيات التي أبرمت بين دول اتحاد المغرب العربي، والتي بقيت حبرا على ورق في رفوف المكتبات، ومن بينها أهمية إقامة مناطق للتبادل الحر المغاربية ،والتي أصبحت أولوية في أجندة دول المغرب العربي، بالنظر للتطورات الحاصلة في الاقتصاد العالمي من جهة،والتحديات التي تواجهها دول المنطقة من جهة أخرى،وبالمصالحة بين البلدان المغاربية والأنظمة والشعوب، وبعدها وانتمائها الامازيغي والعربي والإفريقي ،واعتمادها لمبدأ الديمقراطية، والتداول السلمي على السلطة، للوصول إلى دولة المواطنة والقانون ،وبث دماء جديدة في مؤسسة الاتحاد المغرب العربي ، وبتدوير منصب الأمين العام،واعتماد مبدأ الانتخاب والتصويت في اتخاذ القرارات ، والأقلمة ،وهذه الاجراءت وغيرها سيكون لها انعكاسات ايجابية على مسار التنمية بالمناطق الحدودية، وتخرجمن العزلة والتهميش بتأسيس الأقطاب الصناعية و الإقتصادية والفلاحيه تكون نواة للإستقرار والبناء والتكامل والوحدة المغاربية.