هو يقفز من إنتصار إلى آخر ، من مرحلة إلى مرحلة ، ويدير كل الحلقات التي تؤدي الى التفرد والنجاح ، وهو مطلع على كل قرارات التكوين المظلم للحروب والقتل والموت وفي جميع تفاصيل المراحل المتداخلة ، هو يتذكر أحداث في الخفاء وأخرى منظورة للجميع ، أثناء حملته للوصول إلى البيت الأبيض في ” شايان وايومنغ ” في العام 1978 أصيب بنوبة قلبية – الطبيب الأمريكي الذي اشرف على علاجه- جوناثان رينر – كتب في سجل ملاحظاته أنه لا يعرف الشخص الذي أصيب بنوبة قلبية في السبعينات ، هل مايزال على قيد الحياة ..؟
في ذاك العام أصيب بإصابة في القلب في موضع التاجي ولم يخطر ببال احد انه سينجو وينجب خمسة أطفال لبقائه على قيد الحياة يعود الفضل فيه إلى التكنولوجيا الطبية التي مايزال قلبه ينبض من خلالها ، تلك التكنولوجيا حققت له الثروة والمركز والقيادة ، كانت بمثابة معجزة كبيرة كانت المعجزة فقط متاحة لرجل مثله محظوظ ، وهو محتاج تلك المعجزة للبقاء فهو يقول عن لحظات نقله الى المستشفى : ” كانت السيارة التي تقلني تتحرك وكانت هموم التأخر عن الوصول تجتاحني ولكن جميع الأنوار الحمراء تتحول إلى خضراء قبل الوصول اليها ” وفي المشهد الذي اجراه الكاتب الذي أجرى اللقاء مع الطبيب المعالج وهو يستمع إلى زميل استدعاه إلى طاولة العمليات في وقت متأخر بعد ظهر أحد الأيام في مارس 2012 قال الطبيب : ” مهلا جون دعني ألقي نظرة ، ثم غاب عن الوعي ، وتوغلت الأجهزة وهي تسعى لعمل المطلوب ، تم رفع اليد اليمنى ، ثم بدأت جراحة فصل ذاك الجزء المتورم من الهيئة التي حملته لواحد وسبعون عاما .
بعد الجراحة استراح قلب نائب الرئيس ، كان ضخما أكثر من ضعف حجم القلب الطبيعي ، يحمل ندوب معارك لأربعة عقود بشكل متواصل ومع عامل المرض وبدون هوادة ، حتى قتل في نهاية المطاف ، يقول الدكتور الجراح :” التفت ونظرت إلى أسفل صدره كان الفراغ سرياليا .
هذا تذكار من الحياة التي لم يعد بإمكانه أن تعود إلى الوراء ، لم يعد هناك من تحول يبحث هو عنه ، شعار ديك تشيني واضح وكما دونه في مذكراته ، ” هناك دائما ما يلفت النظر ” من وضع نراه ماثلا وهو تقاسمه مع رامسفيلد ، ثمة نقص في تلك العلاقة التي تبدو من الخارج هي أقرب إلى الكمال ، هي تتراوح بين التخمين او الندم أو إعادة النظر أو أحيانا إخفاء الحقائق ، هو يقول : ” أعتقد أن أفضل طريقة للحصول على تفاصيل مسيرة حياتي وكما حصل أن تفعل ما انا اعتقدته موقفي وهو الصواب وكما قال هتلر – لقد فعلت ما فعلت وكل شيء مسجل ضمن الحدث العام ، وأشعر أنني بحالة جيدة جدا وأنا أنفذ ما نفذت …
•القرارات والصولجان...
القرارات لم تختلف هي الآن كما كانت في الماضي – قوية ساحقة متفردة وجريئة ، ثمة احداث وقعت في الوقت المناسب لتجعله في مدار القوة وذروة السلطة والهيمنة ، في الصدارة الأمريكية والعالمية ، حتى سنوات قادمة لن يكون هناك جدال بما فعل كل شيء رسمه سيظل كما هو دون تغيير في تفاصيل الأحداث اللاحقة التي صارت تظهر بشكل واضح جدا شيء من هذا القبيل ينمو في قرارات المستقبل التي يجب ان لا تكون أقل مما صنعه تشيني ، هو يقول : ” لو عدت الى مسرح السياسة لن أفعل أقل مما فعلت ” ويقول عن المدة التي يصنع فيها القرار المثير للجدل : ” أصنع قراري المدهش والمثير والذي يخلق الاضطراب خلال دقيقة واحدة ، ولن اعيد النظر في تفاصيل ذاك القرار او من يعارضه ، لن يغير القطار مسيرته فهو في حالة اليقين ، ومهما كان السبب والنتيجة ، ودائما انظر إلى قراراتي على أنها صائبة جدا ، ومهما كانت كاسحة وقوية ، وأرى فيها تحقق الكمال ورباطة الجأش ، وفي تفاصيلها اليقين كامن ” ، لم تكن رؤية ديك تشيني قصيرة النظر ، بل لها ابعاد ستراتيجية وفيها الإبهار ، ويراها البعض دائما غامضة ، ودائما الذين يعارضون مواقفه وقراراته يعترفوا انهم على خطأ في موقف التعارض ، هو صنع شعبيته الهائلة من خلال سياق خطوات الحكم والقرارات التي يعتبرها البعض حاسمة ومدهشة ، تقدمه في مسار الحكم أوجد له حالة ارتياح التي رافقته .
وهو يمثل مفتاح المواجهات الكبرى ويطالب من يقف في ورشة الحكم عدم التحيز له ، لم يكن يعتمد على الدعم الخفي بل التوافق النقي مع روح نص القرار والتنفيذ – هو يعلن انه رجل السلطة الموظف العملي وهو مضاد للسياسي المترهل المتردد ، ويتفق مع نظرية نشرها ” بارتون جلمان “– ذاك الذي وضع أيضا دراسة تتناول منصب وموقع نائب الرئيس في السلطة الأمريكية ، وهو يصف ديك تشيني على النحو التالي” الرئيس تشيني صياد المواقف الصعبة وصانع قراراتها ولن يكون أقل من ذلك ، هو رئيس مضاد للسياسي ويحكم دائما بهذه الطريقة ” ، بحلول العام 2007 ادرك الرئيس جورج دبليو بوش هذه الحقيقة ، هو تأكد من عدة صفات يتمتع بها تشيني من المزالق والمخاطر ومن حالات القناعة والقوة واليقين ، تشيني غامر بنفسه دون الاستعلام بكلمة واحدة عن قراره في استبدال رامسفيلد بروبرت غيتس وفي موقف بالغ الصعوبة ، كتن بوش مع عدم التغيير لكنه سمع كلمة واحدة وجواب خاص من تشيني ، أغلق الباب بوجه الإعتراضات .
هو صاحب الصوت القوي والحاسم المهم ، صوت واحد لا يتعدد ولا يتردد ولا يغير من نبرته ، وهذه الملاحظة سنجدها ثابتة وقوية في موقف تشيني من مهاجمة – المفاعل السوري – ورغم إنه قد اختار – غيتس – لكنه وجده يصطف مع كوندريزا رايس وكذلك مستشار الأمن القومي – ستيفن هادلي – وأطراف أخرى وطبعا بوش ، كانت الآراء تقول بصوت واحد ” أن فكرة القيام بقصف المفاعل السوري ستكون نقطة سوداء ومن خلالها تنتشر الحرب ، ونحن نعتمد في هذا العمل الحربي على تقارير إسرائيل غير المؤكدة وهي بالنتيجة تقارير مخابرات ” – هذا النص مدون في مذكرات رايس …..!
