آراء

زواج المتعة بين بوتين وأوباما اصحاب العمائم السّود في الوليمة والعرب

لكن هيهات فالأقدار لا تنفكّ تجود علينا بأحفاد المعمّرين والمستعمرين القدامى الذي فعلوا الأفاعيل وارتكبوا الأباطيل في شعوب العرب والمسلمين وهم اليوم يتداعون على بلداننا يغتصبون أراضيها وأهلها وثرواتهم، بكلّ وقاحة ودون حياء وبوجوه كأنّها من رقع جلود طبل “دبشليم” كيف لا وفاتحوا الأبواب والمهلّلون أبناء هذه الأوطان.

لنتذكّر حملات الغرب على دولنا من “نابليون بونابرت” إلى “رومل” إلى حروب “جورج بوش” الأب و”جورج بوش الإبن”، سنتذكّر تاريخا أسودا وعارا لا ينساه الرّجال..الرّجال فقط، لقد رقص الأمريكيّون والرّوس على وقع قرقعة قنابلهم التي أحرقت أجساد البغداديين في وضح النهار، لقد رقص “المارينز” .

وهم يهدّمون ويفسدون المعالم والرموز وكلّ ما وقعت عليه أيديهم الهمجيّة التي سرقت المتاحف ونهبت خزائن الذهب، والتي أنهت أسطورة “التحرير الأمريكي للعراق” بفضاعات “سجن أبو غريب”، والفضيحة أنّه بعد ذلك جيء بقهرمانات وبهلوانيين أسكنوهم في ما أطلقوا عليه بـ “المنطقة الخضراء” ببغداد ليضعوهم في قفص بلوري ليلعبوا أدوار القردة، ليتنطّطوا كما يشاء المدربون ثمّ وضعوا عليهم الجنرال “بول بريمر” حاكما.

جاء أوباما ليقيم السياسة ذاتها لكن بدهاء لا يقبل المنافسة، فنأى بجيشه عن الحروب ليقيمها بأيدي عساكر بلدان أخرى لغايات أثبتت جدواها، وليس غريبا أن ينجح الأمر سريعا فتنقسم السودان على نفسها، ويستعمر الصّومال في الواقع وتستعر الحرب في اليمن وفي سوريا ويسقط النظام في ليبيا والقائمة تطول.

لقد نجح أوباما في أن يشعل نار الحرب دون أن يكون في الصّورة، والأدهى “التنازل” الذي قدمه في إطار ملف إيران النووي، هذا الملفّ الذي كان من أوله محسوما لفائدة دولة الملالي على اعتبار أنّ الملاحظين والسياسيين الأذكياء قالوا إنّ أمريكا وإيران أصبحتا حليفتين منذ شيوع ما يعرف بفضيحة “إيران غايت” وأنّ تقاربا كبيرا حصل في إطار مفاوضات إطلاق الرهائن عند اقتحام السفارة الأمريكيّة من قبل طلاّب إيرانيين.

كما يؤكّد العارفون أنّ أمريكا ما وراء الستار وبعيدا عن مفاوضات “فيينا” وغيرها سمحت إيران إلى بلوغ مرحلة تخصيب اليورانيوم، وأنّ حكاية مشاركتها في المفاوضات لم تكن سوى مسلارحيّة لذرّ الرماد في عيون “العرب السنّة”.

هذا نزر قليل من فيض كثير بالنسبة للرئيس الامريكي الشابّ ذي الأصول الإفريقيّة و”المنحدر من “عائلة مسلمة” الذي قام نظامه باستخدام “حقّ الفيتو” في كلّ مرّة كان فيها قرار سيتخذ لصالح الفلسطينيين ولا يخدم الكيان الصهيوني، وهو الأمر نفسه تقريبا للرئيس الرّوسي الذي يلقبونه بـ “الشابّ _ الكهل _ الشابّ”.

هذا الذي تأرجح بين كرسي رئاسة الدولة ومقعد رئيس الحكومة وناور وحارب دون أن يأبى التخلّي عن السّلطة ومن ورائها هدفه بإرجاع مجد “روسيا القيصريّة”، تلك الدولة التي قاتلت وقتلت وأدمت المسلمين بسلاح “الفؤوس” عندما جاؤوها فاتحين داعين إلى الإسلام، هذا القتال الذي واصله الرّوسي بوتين عن أجداده وأسلافهم. وكثير من مآثر بوتين غير الطيبة والمؤسفة.

ففي عهده ارتكبت مجازر كثيرة في جمهوريات روسيا المسلمة، وأمثلة المجازر تشهد بها ساحات “داغستان” و”جبال الشيشان” وترويها هضاب “قرغيستان”، وأذهان العالم ما زالت تعتمل فيها صورة المجزرة المؤلمة التي وقع ضحيتها المئات من البشر في “مسرح موسكو” عندما أمر بوتين قواته الخاصّة بقتل المئات من أجل القضاء على 5 أو 8 أو 10 إرهابيين، باعتبار أنّ العدد لم يحدّد إلى يوم النّاس، وهناك من الأخبار التي تقول أنّ العمليّة فبركتها قوّات الجيش الأحمر الخاصّة من أجل جعلها شمّاعة لإستباحة كامل أراضي الشيشان بدعوى الإٍهاب.

لذلك يسبعد العقلاء أن يكون بوتين ذلك الحمل الوديع أو “القسّ الطيب” الذي يريد الرحمة لسوريا والآمان ولضحاياها الرّاحة الأبديّة، ولكن هي لعبة المصالح التي تفرض اليوم ودّا وحميميّة بين هذا البوتين الذي لم يخف توجهاته وسياساته الليبراليّة وبين أوباما رئيس أكبر دولة هي من أبدع أبجديّات هذه الليبراليّة، وأكثر من ذلك حماية المصلحة المشتركة التي هي “اسرائيل” وما وراءها من لوبيات يقودها رؤوس الأموال اليهود في أمريكا كما في روسيا وفي العالم.

هذه اللّوبيات التي ترفع وتعزّ من تشاء وتخفض وتذلّ من تشاء. لذلك وتبعا لما ذكر، ليس “أوباما” ولا “بوتين” ذينك الرجلان اللذان يهدران الفرص المتاحة لضرب آلاف العصافير بحجر واحد، حتّى ولو كلفها ذلك الزواج، كيف لا وهو زواج متعة ومصلحة يحضره أصحاب العمائم السّود مباركين مهللين، أمّا العرب والمسلمين في غفلتهم وغفوتهم تأكلهم البلاهة كأنّهم ذلك “الأشعب” البدوي الذي نزل لتوّه إلى المدينة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق