صحافة البيانات الإعلامية طوق نجاة للصحافة التقليدية
وتضمن الإصدار السابع من سلسلة تقرير الإعلام الاجتماعي، الذي أعدته كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، تحليلاً لأهم اتجاهات استخدام شبكات التواصل الاجتماعي والتوزيع الديموغرافي للمستخدمين عبر جميع بلدان المنطقة العربية. وضم التقرير نتائج استقصاء إقليمي، هو الأول من نوعه، حول دور “البيانات الضخمة” في صنع السياسات العامة ارتكازا على بيانات الإعلام الاجتماعي وإنترنت الأشياء.
كما أشار التقرير إلى أن التدفق الكبير للبيانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بات يشكل ظاهرة جديرة بالدراسة خلال السنوات الأخيرة، حيث تلعب البيانات والمعلومات المتبادلة عبر شبكات التواصل المختلفة دورا في توجيه الصحافة وتشكيل الرأي العام.
يذكر أن السنوات الماضية شهدت صعود البيانات كمصدر أساسي للأخبار بدلا من الأخبار التقليدية في حد ذاتها، وينظر إلى المستقبل بأنه ستتعدد فيه مصادر البيانات، تلك التي تفصح عنها المنظمات والحكومات كجزء من الشفافية، والبيانات التي يقدمها الأفراد طواعية، والبيانات المتعلقة بالمنصات الإلكترونية، والبيانات المسربة.
وعليه، فإن هناك اتجاها لأن تحل صحافة البيانات محل الصحافة الخبرية التقليدية، ويتوقع أن تكون المجال الأكثر تفضيلا للصحافيين، بمعنى أنها أصبحت تفرض نفسها بقوة، وتمثل كذلك اتجاها جديدا لمستقبل الصحافة يرتبط بالتكنولوجيا والإيضاحات البصرية.
واحتاجت “ويكيليكس” مثلا إلى 391000 سجل حتى تستطيع إطلاق حملتها عن العراق، كما احتاجت إحدى المنظمات إلى32482 من السجلات؛ لفضح الإجراءات الحكومية لمكافحة الفقر في جميع أنحاء المملكة المتحدة، أما الآن فتأتي البيانات الحكومية بشكل متزايد، وعلى هيئة حزم كبيرة حول أمور صغيرة، ما يجعل دمج تلك البيانات سهلا في عملية صحافة البيانات.
وقال علي سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، إن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي كبير وينمو بشكل مستمر.
وذكر فادي سالم، كاتب التقرير والباحث في كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، إن شبكات التواصل الاجتماعي وإنترنت الأشياء تلعب اليوم دورا رئيسيا في ما يسمى بعصر “ما بعد الحقيقة” في صنع السياسات العامة والاتصال الحكومي، حيث يجري الاعتماد في هذه الحقبة على تقنيات الذكاء الصناعي ليس فقط لجمع وتصنيف البيانات المستقاة من تلك الوسائل، بل لمحاولة تشكيل الرأي العام وتوجيهه إلى مناح وأجندات مختلفة.
وأشار إلى أن البيانات المتدفقة من الإعلام الاجتماعي وإنترنت الأشياء ذات أهمية بالغة في صناعة السياسات الحكومية والتنموية.
وباتت لصحافة البيانات التي تعني إعداد قصص خبرية عن طريق معالجة مجموعات كبيرة من البيانات، حيث يجد الصحافيون قصصهم الخبرية، آثار عميقة ودائمة في بنية المنظومة الإعلامية العالمية.
فالقصص الخبرية المعدودة المبنية على الإحصائيات والبيانات والتي كانت كبريات المؤسسات الإخبارية تتباهى بها، أضحت اليوم مجرد أرقام ضمن العدد الهائل من المواضيع الصحافية التي تجعل من البيانات نقطة الانطلاق في تناولها لمختلف القضايا.
هذا النوع من الصحافة هو وسيلة تقنية تستدعي اللجوء إلى الكمبيوترات والهواتف الذكية والألواح الإلكترونية بطريقة جديدة لإعداد الروايات والأخبار الصحافية.
وتقطع الصحافة القائمة على البيانات مع الممارسة الصحافية التي كانت تعاني من شح المعلومات وصعوبة صيد الخبر وجمعه.
فاليوم تتدفق الأخبار أثناء حدوثها من عدة مصادر ومن شهود ومدونات، وما يحدث تتم تصفيته من خلال شبكة هائلة من المواقع الاجتماعية، ولهذا السبب تزداد أهمية صحافة البيانات، حيث تتزايد أهمية الجمع والانتقاء من بين هذا الكم الهائل.
وباستخدام هذه البيانات يتبع الصحافي نهجا معينا في طرح القصة، ويمكن أن يشمل هذا كل شيء، بدءا من إعداد التقارير بالطريقة التقليدية بمساعدة الكمبيوتر (باستخدام البيانات كمصدر لتلك التقارير، مرورا بالإنفوغرافيك وهي النسخة الأكثر تطورا من الرسوم البيانية، وانتهاء بتطبيقات الأخبار).
يقول “تيم بيرنرز لي” مؤسس الويب” إن المستقبل ملك الصحافة المعتمدة على البيانات، لذا وجب على كل صحافي أن يبرع في التعامل مع تكنولوجيا البيانات”.
ويضيف “في الماضي كان الصحافي يحصل على المواد عن طريق الدردشة مع الناس في الحانات وربما لا يزال الأمر كذلك في بعض الأحيان، لكن الحال تغير الآن وأصبح من اللازم على الصحافي أن ينكب على دراسة البيانات مع تجهيز نفسه بالأدوات اللازمة لتحليلها وانتقاء ما هو مثير للاهتمام مع الحفاظ عليها جميعا في رسم توضيحي، لمساعدة الناس على رؤية جميع زوايا الموضوع وفهم حقيقة ما يدور حولهم”.